Saturday, December 26, 2009

"الصندوق......."


الليلة الأولى:
"رماد لم يحترق"





يلا يا غبي قبل ما حد يشوفنا
ماشي ماشي بس قلي على ايه كل دوشة الدماغ دي. هو الصندوق ده فيه ايه؟
ماتسألش يا غبي.. اركب وسوق من سكات
احنا رايحين فين طيب؟
الحواري القديمة
فين بالظبط..
المقابر
يانهار ابوك اسود..
ايه. ماتنساش نفسك وشوف انت بتكلم مين
انا اسف زلة لسان. بس انت عايز تدفن المصيبة دي في المقابر!
عندك حل تاني. انا حاولت ابلي بيها غيري بس كل ما كنت ادي الصندوق ده لحد واكون خلاص صدقت اني خلصت منه للأبد يرجعلي تاني وكل مرة بطريقة أغرب من التانية....
ازاي كده؟ ما تقولي وتريح قلبي الصندوق ده فيه ايه..
علشان اقولك لازم اقتلك بعدها
يا نهار ابوك مدوحس قتل؟؟
احنا هنغلط تاني
اسف زلة لسان والله بس ريح قلبي ياريس..
حقولك حكايته بس ما اقدرش اقولك جواه ايه علشان كده حسيبك تكتشف لوحدك ماشي واهي السكة طويلة لحد مانوصل.
الحكاية كلها ابتدت من حوالي شهر كنت خارج من السيدة زينب لما قابلني درويش على باب الله وطلب مني حسنة....
------------------------------------------
الليلة الثانية:
"أول الأحزان"

الدنيا ليلت والسكة طويلة. قول ياريس حصلك ايه ويا الصندوق ده...
كنت خارج من السيدة لما درويش على باب الله طلب مني حسنة. كان شكله ابن ناس رغم هدومه القديمة وشعره المنكوش. قلت اديله حاجة واهو ينولني ثواب... كان بيتلفت حواليه زي ما يكون خايف من حاجة او مستني حاجة تحصل... طلعت حته بخمسة من جيبي وقبل ما اديهالوه كان مطلع من جالابيته لفة صغيرة ودسسها في جيبي وقالي في ودني:
دي أمانة لو فرطت بيها حيلاحقك لآخر عمرك....... واختفى من قدامي فجأة زي ما ظهر.....
ها ياريس وبعدين
معرفش حسيت بالخوف وقتها ليه ومااتجرأتش حتى ادس ايدي في جيبي واطلع اللفة. ركبت العربية ورجعت البيت
وطبعا في البيت طلعت اللفة وشفت فيها ايه
مالحقتش. كنت لسه بفتح باب الشقة فوجئت بالمدام طايحة على دماغي بغطى حله كان في ايدها ورشمتني بوابل من الشتايم والكلام المجعلص من كل لون وبلغات اشي فهمته واشي جبرش مافهمتوش
اهو الستات كلها كده. تبقى متجوزها عشر سنين وفجأة تكتشف انها بتعرف صيني وروسي ولاوندي لأ ومتخصصين في الشتايم تحديدا..... بيتعلموا الحاجات دي منين؟!!
هو ده وقت مواعظك ياغبي. خلينا في المهم.....
ايوه طبعا وانت عملت ايه...
انا كنت متلقح على الأرض غرقان بدمي بعد المدام مافتحت دماغي. حاولت اهديها أو أفهم منها سبب الثورة دي بس على الفاضي..ماسمعتش مني ولا كلمة طلبت الطلاق وخدت شنطة هدومها وخرجت بلا رجعة........
دي اللفة كان وجها اسود على حضرتك
لا وانت الصادق كان وجها عليه أحمر نيله والدم اللي نزل مني كان البداية بس...
------------------------------------------
الليلة الثالثة:
"على الطريق"

وبعدين يا ريس انت عملت ايه بعد المدام ماسابتك ولا مؤاخذة
طلعت اوضة النوم ادور على شوية قطن ومعقم علشان اطهر بيهم الجرح والحمد لله انه ماكانش خطير ومش محتاج قطب
عال كده تمام
لا مش تمام. كنت لسه خارج من الاوضة عايز اعمل تلفون للمخفي أخو مراتي جايز أفهم منه حاجة سمعت في الدور الارضي صوت دوشة وحركة مش طبيعية. وقفت على السلم ابص فيه ايه... الدور التحتاني كان عبارة عن ثكنة عسكرية. رجال كتير بالبدل العسكرية مدججين بالسلاح بيفتشوا البيت خرم خرم وكأنه بيت تاجر مخدرات
يانهار ابوك زي الزفت بتخدعني يا ريس وتقولي انك بتشقى بالحلال ومشغلني معاك بالحرام!!
ماتخليش نهايتك تبقى على ايدي
بس ده كتير يا ريس واحدة واحدة عليه
ووسط المعمعة اللي انا كنت فيها رن المحمول اللي كان في جيبي... رديت بسرعة وجالي صوت كنت أعرفه مش قادر افتكر سمعته فين قبل كده. سمعت صاحب الصوت بيقول: أخرج من البيت حالا اذا كنت عايز تعيش. الناس دي عايزينك ميت...
مش ممكن ده ولا في الحواديت وعملت ايه
اتسحبت من شباك اوضة النوم وخرجت من البيت ولاقيت نفسي في الشارع بجري ومش عارف رايح فين... 
------------------------------------------
تتمة الليلة الثالثة
"دخان بلا نار"


فضلت أجري لحد ماتعبت وماعدش فيه نفس للجري. وقبل ما اوقف اخد نفسي كان في نور شديد متسلط على وجهي وقرب مني شوية شوية. وقفت قريب مني عربية اتفتح بابها الوراني وجاه منها صوت قوي قالي اركب...
وانت اركبت فعلا اهو ده الجنون بعينه
ماكانش قدامي حل تاني. ركبت وماكنتش قادر اميز مين اللي انا راكب معاه العربية.. وبعد حوالي عشر دقايق وقفت العربية قدام محل صغير واتفتح باب العربية وجاني الصوت تاني وقالي: انزل وخش المحل امشي فيه لآخر الممر حتلاقي سلم صغير اطلع فيه لحد مايقابلك باب خشب خش الاوضة واقفل على نفسك لحد ماتجيلك تعليماتنا
وطبعا عملت زي ماقالك
ايوه... كانت اوضة صغيرة ظلمة كان فيها سرير نحاس وفي الوسط طاولة خشب بكرسي. قعدت على الكرسي وبدأت أفكر في احداث الليلة وكل اللي حصل حصل ليه وازاي. وافتكرت اللفة.. طلعتها من جيبي وحطيتها قدامي على الطاولة وبحلقت بيها قلبتها يمين وشمال فوق وتحت مافيهاش اي شيء غريب... فتحت اللفة وكان فيها صندوق صغير ارابيسك مصدف مايزيدش حجمه عن كف الايد تصميمه جميل. قلبته في ايدي الحاجة الغريبة الوحيدة فيه كانت كتابة بالرموز على الوجه التحتاني...
وطبعا حضرتك ياريس حتقولي انك ماعرفتش تفشرها!!
طبعا يا غبي هو انت شايفني طول النهار بدعبس في كتب اموات
لا حاشى لله ده انت بدعبس في حاجات اهم يا راجل... ماعلينا وبعدين ايه اللي حصل؟
حاولت افتح الصندوق اعرف فيه ايه بس للاسف ماكانش فيه اي حاجة تدل بيفتح ازاي
معقولة وبعدين
وبعدين لما يأست منه حطيته في جيبي تاني ورميت نفسي على السرير
هو ده وقت نوم برضه!
يا متخلف دي ماكانتش ليلة اللي انا عشتها قلت اريح عظمي شويه
طيب هعديهالك المره دي...
ونمت فعلا.. صحيت بعدها على صوت بينده عليه. فتحت عينيه وكانت الظلمة بتلف المكان.. وشوية شوية قدرت اميز راجل كبير قاعد على الكرسي لابس جلابية بيضة وفي ايده سبحة طويلة. كان بيتكلم كلام مش مفهوم. قعدت وسألته يامولانا انت عايز مني حاجة. بص بعيد عني وقالي: انت لازم تخرج من هنا حالا دي حتولع فيك يا ابني لازم تخرج. وقام خرج من الباب وسابني في حيرتي اللي ماطولتش...
ليه هو ايه اللي حصل؟
سمعت صوت طرقعة تحت السرير وبعدها شميت ريحة دخان كانت الاوضة بتولع
يانهار.........
ماتكملش عارف انه اسود... ابتدت الحريقة من تحت السرير جريت من الاوضة باتجاه السلالم وقبل ما اوصل الباب طلت الصندوق من جيبي ورميته في النار لاني كنت ابتديت اقتنع باني انتحست من ساعة ماشلته معايه
خير ماعملت ياريس. استنى لحظة هو الصندوق اللي معانا مش هو هو
ايوه للاسف هو هو
رجع ازاي؟؟
حقولك.............  
------------------------------------------
الليلة الرابعة:
"أول الخيط"
مشيت يجي ساعة لحد ما دخلت الحي اللي انا ساكنه وكان الصبح شقشق. اتربصت قدام بيتي اراقب الحركة ولما اطمنت انه البيت ساكن ومافيش حد دخلت من الباب الوراني. كنت عايز اغير هدومي واشوف ايه فلوس في البيت واخرج من الحي المجنون ده.. ولما جيت اخرج حطيت الفلوس اللي لاقيتها في البيت في جيب البنطلون اللي انا لابسه.. وانا بحط ايدي حسيت بحاجة غريبة في البنطلون لمستها بصوابعي وكادت تخرج مني صرخة لما طلت الحاجة وشفتها. كانت الصندوق هو هو بعينه اللي انا لسه راميه في النار
مش ممكن دي فعلا حدوتة...
بس رعبتي من شوفة الصندوق خلتني افكر صح المرة دي
ازاي يعني
اصل انا كنت اعرف استاذ لغات قديمة من ايام الجامعة كان غاوي فك رموز واثار
فهمت كنت عاوزه يحللك الرموز اللي على الصندوق
وعلشان كده اخدت الصندوق معايه ودخلت على الاستاذ حلمي في مكتبه في الجامعة رحب بيه وسألني ايه اللي فكرني بيه بعد السنين الطويلة
طبعا البلوه اللي معاك
قضيت مع الاستاذ حلمي حوالي ساعة شرحتله فيها الموضوع باختصار وفهمته اننا شاكك يكون الصندوق ليه علاقة بالاحداث الاخيرة... طلب مني يشوف الصندوق ويعاينه وعلشان اكون صادق معاك انا طلعتله الصندوق فعلا بس بحذر وكنت بيني وبين نفسي مش عايز اديهوله كان في حاجة مانعاني. بس هو كان اذكى مني وقالي بصوت رزين: ماتخافش انا هشوفه بس وارجعهولك تاني. واديته الصندوق.. كان بيتفحص كل نقش وكل حركة.. اعتدل في جلسته وسألني انا جيبت الصندوق منين. فسألته هو شاف فيه ايه. قالي انه حاجة عجيبة يكون صندوق ارابيسك مصدف زي ده عليه نقش ارامي قديم... سألته عن معنى النقش ابتسم وقال اذا كنت عايز اعرف لازم اسيبله الصندوق الليلة لانه الترجمة هتاخد وقت.
وطبعا انت خفت تسيبله الصندوق
بالعكس انا كنت هموت واعرف فيه ايه علشان كده سبتهوله... وقمت من عنده بعد ما اتفقنا انه بينا التلفون.
ورحت فين بعد كده؟
مش بعيد.. كان فيه دين لازم اسدده... رحت لاخو مراتي في شغله
يانهار ازرق ليه يا ابن الناس ده اكيد بلغ عنك
بالعكس ده هو الوحيد اللي فهمني مراتي عملت كده ليه... الحدوتة ومافيها انه ليلة مارجعت البيت كان البوليس بيدور عليه.. ومراتي جالها تلفون من فاعل خير زي البوليس بالظبط باني مخبي في بيتي سلاح واني مشترك بتنظيم ارهابي هدفه عمل انقلاب وبلبلة في الدولة وكان عندهم معلومات اكيدة لكل تحركاتي ولساعة الصفر...
يانهار ابوك طين وعايزني اغرق معاك ديه فيها على الاقل اعدام...
ياغبي ما انا قاعد قدامك اهو
طيب وماعرفتش من اخو مراتك مين فاعل الخير ده وازاي جاب المعلومات دي
لا هو نفسه ماكانش يعرف ولا حتى البوليس كان يعرف فاعل الخير اللي بلغ عني
طيب بس عايز اسألك سؤال واحد..
عارفه. عايز تعرف ازاي خليل قالي كل المعلومات دي
يا ابن الجنية صحيح
يا ابن العفاريت انا مش عارف هاصبر عليك لحد امته. ماعلينا.. هو قالي كل حاجة بعد ما قلتله كل اللي حصل معايه ليلتها... وماتنساش انا وخليل مش نسايب لا احنا اخوات تربينا مع بعض وعشنا ايام الشقاوة حلوها ومرها مع بعض .
صحيح العشرة ماتهنش
ايوه ماهانتش عليك برضه. خليل قالي حاجة واحدة بعدها. قالي ماعدش امان اننا افضل في القاهرة وكان لازم ابعد. بس الاول كان لازم اخلص من الصندوق... خرجت بعدها من عنده على اني ارجعله بعد ساعة وكنت رايح للشركة اخلص شوية مسائل واطمن على الشغل لحد الاحوال ما تهدى.
رحت للشركة!
ايوه وكانت فكرة مهببه. الاستاذ منصف مدير مكتبي ماصدق شافني ونزل فيه شتيمة وبهدلة واداني درس في الوطنية والاخلاق وكان عاوز يبلغ عني.
اخص راجل قليل الاصل بصحيح انا لو كنت موجود ماكانش ده كله حصل
ايوه انا كنت بعتك طنطا وقتها علشان المشروع الجديد. بس الراجل معذور برضه البوليس عمم عليه وكانوا ناشرين الخبر... بس الراجل ماهانتش عليه العشرة اداني فلوس وخرجني بالسر بعد ماحلفت ميت يمين انه التهمة متلفقة.
وانا نازل من الشركة اتصل بيه الاستاذ حلمي وكان صوته زي مايكون وراه مصيبة كأنه مرعوب من حاجة. وطلب مني اروحله مكتبه حالا علشان اخد الصندوق...
 ------------------------------------------

الليلة الخامسة
"منحى آخر”

لما وصلت كانت اوضة السكرتاريا ظلمة ولولا اني شفت النور مولع في مكتب الاستاذ كنت افتكرت انه مشي ونسيني... كان المكان بيلفه سكون غريب رغم انه العشاء كان لسه ما ادنش. استأذنت وكحيت قبل ما ادخل المكتب بس ماكانش فيه رد. دخلت والغريب انه الاستاذ كان موجود بس كان مكفي بوجه على المكتب.. افتكرت انه نايم قربت علشان اصحيه... قربت وبصيتله كويس دمي نشف من المنظر اللي شفته. الراجل كان مطعون في صدره بفتاحة رسايل عسيت نبضه لقيته خلص ومافيهش روح...
يانهار ابوك كحلي هتعمل انقلاب وقلنا ماشي بس تطلع قتال قتلة وعايز تجر رجلي معاك لا
يا غبي ركز معايه انا رحت لقيته ميت
آآآه. طيب وعملت ايه
كان كل همي الاقي الصندوق اللي عليه بصماتي
طبعا يا روح امك علشان ما يبقاش اعدام وتأبيده
تعرف انك غلس ونهايتك على ايدي ان شاء الله
طبعا ما انت بقيت سوابق
ماتخلينيش ارميك من الشباك
خلاص خلاص. ها وبعدين
ما طالش بحثي عن الصندوق لاني لقيته في جيب الجكته اللي هو لابسها اخدته وجريت بره المكتب. ورجعت لعند خليل الامل الوحيد اللي فاضلي. وبعد ما عرف اللي حصل اداني عنوان تاجر تحف خواجا في الهرم قال انه اكيد هيساعدني اعرف النقش ده معناه ايه
وطبعا رحت للتاجر
ايوه. اديته الورقة اللي كتبهالي خليل علشان يساعدني فطلب يشوف الصندوق. وبعد ما تفحصه بدقة شديدة جدا احمر وجه وزاغت عينيه وابتدا يتكلم بلغة مش مفهومة زي مايكون بيكلم نفسه وراح ماسك في هدومي جامد حسيت اني روحي هتطلع في ايده وقبل ما افهم حرف من اللي كان بيزعق بيه راح راميني على الارض ورمى الصندوق في وجهي وطردني
كل ده ليه هو المدعوق ده فيه ايه
ماعرفتش بس تأكدت انه ملعون وناحسني ولازم اخلص منه بأي شكل. استأجرت عربيه وطلعت بيها طنطا
ده لما جتني من يومين. الباقي انا عارفه عايز نطلع المقابر ندفنه فيها مش كده؟
ايوه
طيب ما تسمع كلامي المره دي يا ابن الناس.. جدك ابو المحاسن راجل مجدع وكباره وعقله يوزن بلد وبيفهم في الانتيكات نروح له البلد...
جبتها فعلا اول مرة تطلع بحاجة عدلة
الله يسامحك
 ------------------------------------------

الليلة السادسة
"آخر الأحزان”

طيب يا ريس انا بقول استحياطا يعني ايه رأيك تكلم الحاج قبل ما نروحلوه اهو يكون معاه خبر يعني
ماشي يا سيدي انا حاكلمه عقبال ما تقطع لنا تذكرتين
حاضر ولو اني كنت افضل نطلع بالعربية اهي اريح من القطر
ومش خايف اوصاف العربية تكون تعممت يا خفيف انت ناسي انها باسمي
ايوه صحيح معلش ماخدتش بالي
.....................
وادي التذكرتين ياريس. كلمت الحاج
كلمته ياسيدي ومبسوط اوي ان احنا رايحينله. ده حتى وصى الست ياسمينه علينا
يعني هناكل فطير ومشلتت وعسل
ومربى وقشطة كمان. زقطط ياعم هنخلص من البلوه اللي معانا ونقضيلنا يومين في بيت العيلة...
......................
الف حمد لله على السلامة ياريس
ايه ده مافيش حد باستقبالنا والناس دي مجتمعة قدام الدار كده ليه
الحق ياريس دي النسوان بعيط وبتعدد
يا خبر اسود............ ياست ياسمينة في ايه مين اللي مات
ده جدك يا ابني اداك عمره
ايه مش ممكن ده انا لسه مكلمه من كام ساعة
اني عارفه يا ابني وكان فرحان قوي بمجيتك اصله كان بيحبك خالص بس نقول ايه عمره واجله يا ابني
مات ازاي
اصر يخرج يجري بالفرس بتاعتك الصبحية يريضها اصله كان عارف انك بتحب تركبها لما تيجي وقع من على ظهرها ياولداه ومالحقناهوش الا وهو بيطلع النفس
..............................
هنعمل ايه دلوقت ياريس. اهي اتسدت في وجهنا
اذا كان جدي ماقدرش يساعدنا عايش فهو يقدر يساعدنا ميت
تقصد ايه يا ابن الناس انا بقيت اخاف منك ومش فاهمك
احنا هنحضر الدفن... والصندوق هينزل مع جدي القبر
يا نهار مش فايت وهتعملها ازاي دي
بعد الغسل والتكفين هانستأذن مرات جدي الست ياسمينة ندخل على جدي نودعه قبل الدفن وانت حتكون محضرلي صرة ستان ابيض صغيرة نحط فيها الصندوق....
انا اصطبحت في وجه مين النهاردة.. اه افتكرت
...........................
جبت الصرة
اهيه
طيب كده وادي الصرة ونحطها في جنب المرحوم كده ولا مين شاف ولا مين دري
بس انا شفت ودريت وضميري بينقح عليه. اصل امي كانت دايما تقولي الاموات ليهم حرمة ومايصحش نحط في كفنهم حاجة دي بدع وحرام
انت شايفني حاطط حجاب ولا سحر ياغبي انت مش عايز تخلص من الصندوق
بتمسكني من الايد اللي بتوجعني ماشي دي اخر مرة اساعدك فيها بحاجة انا مش مطمنلها
............................
ايه يا ابني تمشوا ده ايه لا ممكن ولا يكون لازما تستنى لحد مانطلع وصية المرحوم
ياست ياسمينه انا مش عايز حاجة وانتوا اولى بتركة المرحوم
ولو يا ابني الاصول تكون موجود ساعة فتح الوصية والشيخ مجاهد قالي انه حيفتحها بكرة مغربية هنا في الدار
..............................
يا شيخ مجاهد لخص الله يحفظك احنا عندنا سفر الصبح وعايزين نوضب نفسنا وننام لنا شوية
ماشي يا ابني وعلى العموم الوصية زي ما سمعتوا مافيهاش غير الحث على البر وطاعة ربنا وجزء منها لرد الامانات وبالنسبة للتركة المرحوم طلب انها تتوزع شرعي الا اذا احد الورثة اتنازل عن نصيبه للاولى من ذوي الارحام.
ها يعني خلصنا كده
لا يا ابني في اخر الوصية سطرين يخصوك اضافهم المرحوم من قيمة اسبوع كده لما عدل الوصية اخر مرة... بيقول فيها انه سايبلك ظرف في درج مكتبه اللي فيه من حقك وملكك ومايخدوش غيرك
ظرف ايه
انا طلعت الظرف اول القعدة اهو ممكن تاخده تشوف في ايه وعلى العموم هو مختوم زي الحاج ماحطه بايده
افتح الظرف ياريس نشوف في ايه......
لا كده كتير حرام
يانهار ابوك منيل هو ورانا ورانا
ايه يا ابني مالك كفا الله الشر
لا مافيش ياست ياسمينة بس الحاج جاب الصندوق ده منين ووصالي بيه ليه
والله ما اعرف يا ابني انا لا عمري شفته ولا هو جابلي سيرته بس انت عارف الحاج كان بيحب التحف والانتيكات ازاي وكان عارف انك بتحبها يبقى افتكرك بيه علشان بيحبك
اه واضح... هنعمل ايه ياريس
هنطلع بيه المالح....
 ------------------------------------------
"المشهد الأخير"


يااااه مش قادر اصدق اني بقالي يومين في النعيم ده... من غير الصندوق المشؤوم
فعلا الواحد كده ارتاح.. بس تعرف انه هيوحشني
ياسمك ياخويا مش هتبطل
بضحك معاك ياريس. قلي بقى انت ناوي على ايه دلوقت
نريح يومين كمان وبعدها نطلع القاهرة حاسلم نفسي واقوم محامي محترم يخرجني من القضايا اللي عليه
ودي سهله وخصوصا انه مافيش ادلة تدينك في اي منهم
ايوه وبعدها ارجع الشركة واركز في شغلي بقى
ومراتك؟
لا دي سيبها على عمك خليل
ياه كل ما افتكر انه الصندوق الملعون لففنا كعب داير ابقى عايز افرقع من الغيظ ده انا شفت فيك محافظات يا مصر ماكنتش اعرف انها موجودة اصلا
اهو طلعنا بحاجة مفيدة من الموضوع
ايوة "تعرف على وطنك"
سيبك من الكلام ده وقوم شوفلنا لقمة ناكلها
لا ياريس انا عازم نفسي على حسابك النهاردة على اكلة سمك طااااازة
ماشي انت تستاهل. تحب ننزل ناكل الاكلة دي فين
طااااازة يعني نصيدوها وننظفوها ونطبخوها وناكلوها
لا نشتروها ارحم
ماشي بس نطبخوها بمزاااج وعلى مية بيضة
قصدك على فحمة سودة مع فحلين بصل وشوية جرجير
الله عليك ياسيدي
...................
غسلت السمكة وفرمت البطاطس...
يانهار ابوك مطين... الحق ياريس السمكة....
فيه ايه ياغبي فزعتني...
بص على بطن السمكة
الله يخرب بيتك انا كنت عارف من ساعة ماقولت عايز تطفح سمك انه نهار ابويه هيبقى طين اسود... بقى ارميك في المالح تطلعلي في بطن السمكة.... انت بتولول ياغبي
اه وهصوت كمان... يالاااااااااهوي

تمت 

Saturday, December 19, 2009

"نايحة وعنابة..... وعفريت الربع"

(1)


(المشهد في جلسة الصحن وسط ربع قديم - وهو من البيوت المصرية القديمة تشبه في بنائها الخانات المملوكية، تتكون من عدة طوابق، في الطابق الأول مطبخ الربع والمضافة الكبيرة وغرف الصناعات اليدوية التي يعمل بها أهل الربع، وحجرات المؤن وصحن الربع الذي يتوسط الحجرات. أما الطوابق فتتكون من غرف للمنامة والجلسات العائلية حيث تقيم كل عائلة من أهل الربع في احدها. ويضم الربع نظام اجتماعي أشبه بالاشتراكية في أبسط مفاهيمها، يعمل الجميع في مهن مختلفة، النساء داخل الربع والرجال خارجه ويعود جزء كبير من المال الى يد صاحب الربع المسؤول عن تنظيم الربع وتوزيع الأدوار وتوفير الطعام للجميع).

ام بدرية: ها عجبكم المطرح؟
نايحة: المطرح حلو قوي وزي الفل... بطلي تزغدي فيا يابت
ام بدرية: انت بتبرطمي بتقولي ايه ياست..
نايحة: لا ولا حاجة دي البت بنتي بتقول على المكان حلو
ام بدرية: آه وهي الصلا على النبي بنتك دي... تعالي اقعدي جنبي اشوفك ياحبيبتي ده احنا هنبقى اهل... مش بطاله سمرة بس حلوه ومربربه زي الرغيف البلدي
نايحة: النهاردة الخميس ساعة مباركة الساعة خمسة الله أكبر
ام بدرية: ماتخمسيش في وجهي ياست. ها قولتوا ايه في المطرح... بصي بقى اهل الربع كلهم ماشيين على نفس النظام وعايشين مستورين النسوان بتشتغل في المطبخ والفرن وتتقاسم الغسيل والكنس وتربية العيال بالدور واللقمة اللي بتخش بتتقسم على اهل الربع بما يرضي الله
عنابة: ايه ده يامه دي جمعية تعاونية دي ولا ايه
نايحة: ياختي احسن من الخدمة في البيوت واهو نبقى مع بعض وجايز ربنا يكرمك وتتكعبلي في حد يتجوزك ونخلص
ام بدرية (بعد أن ازعجها شوشرة عنابة المستمرة): انتم بتبرطموا في ايه ها استبينا
نايحة: ايوه يا حجة خلاص احنا هناخد المطرح
ام بدرية: تقوليلي المعلمة ام بدرية ياحبيبتي واللي اوله شرط اخره سلامة انتوا حتدفعوا خمسين جنيه رهنية ولا مؤاخذة لحد مانشوف عرقكم في الشغل
نايحة: ماشي يا معلمة ام بدرية احنا ممكن نسكن امتى؟
ام بدرية: ده المفتاح بتاع الاوضة ممكن تنزلوا من الليلة
نايحة (بفرح غامر): ألف شكر يا معلمة........
(وبعد ان استقرت كل من نايحة وعنابة في الغرفة الجديدة)
عنابة: يامه انا مش مستريحه للست دي.. دي في وجهها خريطة غرز واستقبلتنا بالساطور
نايحة: يابت اهمدي ده احنا ماصدقنا لقينا مطرح نظيف ننستر فيه بدل البهدله واهي شغلانه كويسة والمطرح براح واللمة عزوه برضه
عنابة: ماشي يامه بس انا مش مستريحه للمكان ده ده الرجالة شكلها يجيب تهمة... شوفتي الراجل اللي فتحلنا كان شكله عامل ازاي ده شبه عشماوي يانايحة
نايحة: اهمدي بقى ياعنابة استهدي بالله كده ونامي والصباح رباح.
--------------------------------------------------
(2)







(في منتصف الليل عنابة تصحو فزعة...)
عنابة: امه... يامه... يانايحة... اصحي ياوليه مال نومك تقل
نايحة: ايه ايه في ايه يابت بتصحيني ليه
عنابة: اشششش اسمعي يامه... سامعة...
نايحة: ايه... والله مانا سامعة حاجة
عنابة: يامه ميت مرة اقولك اغسلي ودانك... اسمعي كويس
نايحة (تنصت بانتباه): آه آه صوت... صوت حد بيمشي قدام الباب
عنابة: قولتلك يامه المكان مريب ده تلاقيه عشماوي بالحبل والمعلمة بالساطور هيرحبوا بينا بطريقتهم والدور الدور موعوده ياللي عليك الدور
نايحة: لالالا ده صوت مشي بني آدم واحد بس
عنابة: تصدقي يامه انت هتفقعيلي مرارتي... انا عايزه اعرف مين الغتت ده اللي بيمشي في الطرقة كده بعد نص الليل
نايحة: انا هاطلع واعرفلك حالا... (تقوم نايحة ناحية الباب وفجأة يسمع صوت طرق خفيف على الباب فتقفز نايحة تحت السرير)
عنابة: امه امه اطلعي من تحت السرير يامه
نايحة: لا مش طالعه قال ياروح ما بعدك روح
عنابة: كده اخص على الرجاله وقال انا اللي شده ظهري بيكِ يامه
نايحة: تعالي يابت انزلي استخبي
عنابة: لا انا كبرت في دماغي طب ايه قولك بقى انا هافتح الباب
(تقفز نايحة من تحت السرير وتقبض على ذراع عنابة) هتعملي ايه يامهفوفة تعالي هنا
عنابة: اصبري بس يامه بقولك ايه امسكي الكرسي ده واوقفي جنب الباب وانا هاوقف ورا الباب وافتح بشويش واول ماتشوفي عشماوي ولا الساطور تنزلي بالكرسي على قرمة نافوخه ماشي
(تتوالى الطرقات بصوت اعلى... تنظر نايحة بقلق ناحية عنابة وتبلع ريقها) ماشي ماشي
عنابة: حفظتي هتعملي ايه
نايحة: ايوه ايوه
عنابة: طب سمعي كده استأكد انك حفظتي
نايحة: يابت هو ده وقته
(تقف عنابة وراء الباب وعلى مقربة منها نايحة بالكرسي فتعطيها عنابة الاشارة وتفتح الباب بسرعة) مافيش حد ياعنبه... ده الممر كله فاضي ومافيش غير صوت الشخير
عنابة (متعجبة): ازاي كده انا متأكده انه كان في حد ورا الباب
نايحة: وانا كمان سمعت الصوت بس لو كان في حد كنا شوفناه.. دي الاوض كلها جنب بعض والطرقة كلها مكشوفة
عنابة: غريبة كنا بنحلم يعني
نايحة: جايز يابنتي تبقى تهيآت علشان احنا لسه مش واخدين على المطرح... نامي والصبح نشوف.
--------------------------------------------------


(3)





نايحة: عنبه يا عنابة قومي يابت كفاياك نوم
عنابة: يوه يامه هو الواحد مايعرفش ينام في الدنيا دي
نايحة: ومستعجلة ليه بكرة تموتي وتنامي براحتك خديها نوم بقى لحد ما القيامة تقوم عليكِ
عنابة: ايه يامه فيه ايه دي سيرة برضه تصحيني عليها ياباي
نايحة: صحيتِ خلاص قومي اتشطفي والبسي خلينا ننزل للوليه ام بدرية نشوف النظام ايه
عنابة: ماشي يا نايحة خليني ماشيه وراكِ كده لحد ماتجيبيلي الكافية..............
(تنزل كل من نايحة تتبعها عنابة بقلق الى صحن الربع لملاقاة ام بدرية)
نايحة: صباح الخير يا معلمة
ام بدرية (بصوت جاف): صباح الخير... انتم اتأخرتم على موعد الفطار المره دي سماح ونبقى نفطركوا في المطبخ... بت يا طعمه خديهم وريهم المطرح وفطريهم وفهميهم النظام... قبل الظهر يكونوا عندي بهدوم الشغل فاهماني
طعمة: حاضر يا معلمة.....
(تذهب بهم طعمه في جولة في الربع وتشرح لهم النظام بالتفصيل الممل.. وقبل الظهر توصلهم للمعلمة التي تأخذهم بدورها للفرن وتشرح لهم نظام الشغل وتمتحنهم في العجين والخبيز وتتبسط منهم ومن عملهم المتقن)
ام بدرية: شغلكم كويس احنا هنجربكم في الفرن اسبوع لحد ماتتعودوا علينا وعلى الشغل... بت يا حسنات النفرين دول تحت ايدك لآخر الاسبوع ترستقيهم وتاخدي بالك منهم.......
(في المساء بعد يوم عمل طويل وعودة نايحة وعنابة الى حجرتهما...) 
عنابة: آه يامه انا اتهديت ايه ده كل ده شغل
نايحة: معلش ياعنبه بكرة نتعود
عنابة: نتعود على ايه يامه على الفطار اللي يشرح ولا على الشغل اللي يقطم الوسط... لا وكله كوم وطابور الحمام كوم تاني.. بت كده زي الزكيبة سألتها فين الحمام قلبتني في ربع جنيه وفين وفين عقبال مادلتني على المطرح.. انا كنت هاعيط يانايحة من الزنقة اللي انا فيها
نايحة: معلش استحملي شويه وبكره تتعدل بقولك ايه خلينا ننام بدري الصحيان مع الفجريه علشان نلحق الفطار
عنابة: ماشي يامه ما هو اتكتب علينا... الله يرحمك يابه
نايحة: تفتكري يابت عفريت ليلة امبارح حيطلع لينا تاني؟
عنابة: سلام قول من رب رحيم ايه يامه عفريت ايه بس... الله يسامحك يا نايحة طيرتي النوم من عيني!
--------------------------------------------------
(4)






(تقف عنابة بتذمر ويديها في وسطها...)
عنابة: يوه مش ممكن كده
نايحة: يابت وبعدهالك ده احنا بقالنا شهر على الحال ده انت ماتعودتيش
عنابة: اتعود على ايه على عفريت الليل اللي بيجي يخبط علينا كل يومين ومش عارفين نمسكه ولا اتعود على الشغل اللي يقصر العمر عجن وخبز طول النهار ولا اللقمة المقشفة ولا الحمام اللي بدفع ربع جنيه للبت بدرية علشان ادخله لا وكل كوم ومرسي افندي ده كوم تاني
نايحة: يووووه هي نفس الاسطوانة المشروخة كل يوم معبيه وشايله على مرارتك بالكوم وما بتوبيش ابدا... بس ان جيتي للحق مرسي افندي ده نفسي اطبق في زمارة رقبته واعمل عليه فتة
عنابة: يالهوي انت مستغنية عن عمرك يا نايحة دي كانت ام بدرية تقطم رقابينا وترمينا لكلاب السكك
نايحة: اي والله تعملها ما هو الديك المخفي ده عندها فرخة بكشك بس هو لو يهمد شويه ويبطل يزعق في نصاص الليالي
عنابة: ده مجنون زي صاحبته عنده هرشه في نافوخه تلاقي عفريت الليل بيطلعله هو كمان
نايحة: مابلاش سيرته لاحسن يسمعك ويعمل فينا حاجة
عنابة: على قولك يامه... بقولك ايه يا نايحة ماتعرفيش ابو بدرية مات ازاي
نايحة: ابو بدرية مين
عنابة: جوز المعلمة ام بدرية
نايحة: هي كانت متجوزه؟!!
عنابة (بنفاذ صبر وهي تجز على أسنانها): اومال جابت بدرية منين ياولية من الهوا
نايحة: طب واحنا ايش عرفنا انه مات
عنابة: ركزي معايا يامه النهاردة كان دور الغسيل عليا انا وسنية والبت زينهم وسمعتهم بيجيبوا في سيرته ويقولوا الله يرحمه
نايحة: طب وما سألتيهمش ليه
عنابة: البت المزغودة بدرية جات وقعدت لينا زي شيخ الغفر... تفتكري يامه ممكن يكون مات مقتول في الربع ده
نايحة: بت ماتلبشيش جتتي انا مش ناقصك
عنابة: اسمعي بس يامه مش جايز يعني اللي بيجيلنا بالليل ده يكون ابو بدرية
نايحة: ويخبط علينا ليه تاه في الاوضة ولا بيعاكس في ستات الربع بعد موته
عنابة: عيب يامه ايه اللي انت بتقوليه ده
نايحة: واعملك ايه يعني ثم انا بفطمك علشان اجوزك وافرح بيكِ
عنابة: سيبك من الكلام ده انا هاخطف رجلي لحد اوضة سنية بكرة بعد العشاء واقررها واعرف منها ابو بدرية مات ازاي
نايحة: عنبه يا حيلة امك ماتودناش في داهية ما تحفريش على الاموات...
--------------------------------------------------
(5)






(في المساء تتسلل عنابة الى حجرة سنية)
عنابة: سالخير عليكِ يا سنية
سنية: سالخير يا عنابة خشي يابت تعالي ده انا مخبيالك شوية ترمس بايت نتساير ونتسلى بيهم
عنابة: وليه التكليف ده بس يا حبيبتي.. ندوقه برضك علشان خاطرك
سنية: وامك نايحة ازايها من امبارح ماشوفتهاش
عنابة: كويسه ياختي بتسلم عليكِ
سنية: طيب... انت قولتيلي انك عايزاني في حاجة مش كده
عنابة: ايوه. بصي ياستي بقى انت بقالك هنا في الربع يامه وعارفه كل كبيرة وصغيرة عن اهله وكنت عايزة استفسر منك عن حاجة
سنية: استفسري يا حبيبتي براحتك
عنابة: يعني هو انا كنت بقول بس بيني وبينك يا سنية.. هو ابو بدرية مات ازاي
سنية (وقد احمر وجهها فجأة واضعة يدها على فم عنابة):  اششش وطي حسك ايه السيرة اللبش دي ايش عرفك بابو بدرية وبتنبشي عليه ليه
عنابة: ايه ايه انا لسه قولت حاجة انا سمعتكم بتتكلموا عنه قولت اتنور بس
سنية: تتنوري انتِ وانا اروح في ابو نكله
عنابة: ليه بس
سنية: من غير ليه.. قومي يابت روحي لامك وهاتي الترمس ده يلا عايزين ننام
عنابة: اصبري بس يا سنية.. طب زعلتي ليه فهميني
سنية: افهمك ايه بس انت لسه عيلة ومالكيش مصلحة
عنابة: يابت جربيني مش هاتندمي.. ولو ماقولتيش انا هاروح للبت بدرية اسألها
سنية: لا بلاش بدرية...( وبعد صمت طويل تخلله نظرات نارية من سنية لعنابة): امري لله.. اقعدي.. احلفي بأيمانات المسلمين ما حتجيبي سيرة لحد باللي حقولهولك
عنابة (بحماس زائد): وأيمانات المسلمين ماجيب سيرة لحد غير لامي
سنية: ماشي بس تحلفيها بمعرفتك بقى... شوفي ياستي المعلم ابو بدرية كان صاحب الربع ده وكان المعلم الآمر الناهي ينظم الشغل ويلم الايراد ويوزع اللقمة على الكل وكان في ذات الوقت صاحب التُرب (المقابر) اللي ورا الربع... كان راجل مفتري وشديد على الكل وخصوصا على مراته
عنابة: المعلمة ام بدرية؟!
سنية: ايوه كنا ساعات نصحى على صوتهم بعد نص الليل وهمه بيتخانقوا وكان يضربها لحد ما يعدمها العافية ويامه ربطها في بير السلم وهجرها بالايام
عنابة (تضع في فمها حفنة من الترمس بقشره): ايه الافترا ده وهي كانت تسكتله؟
سنية: ماحدش كان بيجرؤ يراجعه ولا يوقف في وجهه... كان اللي يعارضه او يخرج عن طوعه يتاويه في التُرب وماحدش يعرفله طريق جُره.. لحد في يوم من قيمة سنتين... (تأخذ سنية حفنة من الترمس بيدها وتبدأ بقضمها على مهل وتشرب معها الشاي مصدرة صوتا موسيقيا).........
عنابة (بفروغ صبر): يابت هو ده وقت وابور الشاي بتاعك ها وبعدين
سنية: ايهي مش ببل ريقي برضك (تنظر لها عنابة شذراً فتضع سنية كوباية الشاي جانبا وتنظر حولها بحذر ثم تخفض صوتها وتقول...) كانت ليلة برد والقمر اختفى ورا سحابة سودة المعلمة بدرية جهزت العشا للمعلم زي كل ليلة ودخلت بالصينية اوضته قعد المعلم ياكل وياكل وهي واقفه على طلباته بلع ليلتها عشرين بيضة وفرختين وكوباية عسل اسود ولما خلص طلب الفاكهة فجابتله عنب... وبعد شويه سمعنا صوت صويت خارج من اوضتهم وانفتح الباب وام بدرية بتولول على المعلم وتقول الحقوني الراجل حيروح مني...
(تفتح عنابة عينيها على اتساعهما وتبدا بقضم أظافرها مع الترمس وهي تقول لسنية..) ها وبعدين؟
سنية: جري عبد الشكور التورباتي على الاوضة وكان دراع المعلم اليمين وحاول ينقذه.. بس الراجل كان راح في حبة عنب.. اتخنق...
عنابة (بصوت مرتفع): اه طبعا ماهو عشماوي التورباتي مايمشيش في حاجة وتعمر ابدا
سنية (تشاور لها لتهدأ): المهم تاني يوم جهزوا الراجل للدفن والوليه مراته وبنته كانوا مقطعين روحهم عليه... وادفن بعد الظهر والكل رجع لشغله بعدها... ليلتها مش عارفه ليه ماجاليش نوم.. فضلت صاحية لقريب الفجر ولما عيني غفلت سمعت صوت حركة عند الباب وشويه وتهيألي انه حد بيخبط.. شديت الغطا وقرأت قرآن لحد الصوت ما اختفى...
عنابة: غريبة...
سنية: هو ايه اللي غريبة؟
عنابة: لا ابدا كملي
سنية: الصبح قومنا كالعادة وقعدنا للفطار.. شوية ودخل علينا عمك السبعاوي غفير الترب وكان وجهه اصفر وبيترعش وبينده على ام بدرية.. واتاري الحكاية يابت انه صحي الصبح وراح يشقر على تربة المرحوم ويرش عليها ميه ولما قرب من التربه لقى جثة المعلم نصها في القبر ونصها بره والكفن متقطع وجلده ازرق نيله وكان مكفي على وجهه وشعره وايديه معفره بالتراب... وزي ما وصفهولي عم السبعاوي كان منظر المرحوم زي مايكون هربان من ملايكة العذاب وهو بينبش التراب وبيحاول يفر منهم وهمه بيشدوه لتحت وماقدرش يخرج واتجمد من البرد...
عنابة: دي حكاية عجبه والله
سنية (وقد سرحت وتركزت عيناها في الفراغ): ولغاية دلوقت ايام في عز الشتا لما يختفي القمر يجي عفريت المعلم ويزور الربع...
--------------------------------------------------
(6)







نايحة: مش عارفه يابت يا عنبه موضوع موت المعلم ده فيه إنه
عنابة: ده فيه إنه وإنه كمان.. انا مش مصدقة حكاية موته دي.. وحكاية عفريته ومشيه في الربع بالليل.. انا حاسه انه الوليه ام بدرية ليها ضلع في موته...
نايحة: بس ازاي ترجع تدب فيه الروح تاني بعد الدفن... الراجل ده كان عمل ايه في عمره علشان ينتهي النهاية السخام دي... اسمعي يابت تقفلي على السيرة دي وتخلينا في اكل عيشنا
عنابة: بس يامه ماحليناش لغز عفريت الربع.. انا حشوف طريقة اجرجر بيها بدرية بالكلام جايز نوصل لحاجة
نايحة (بغضب): وكمان بدرية.. انت عايزه تقطعي عيشنا من هنا يابت.. (تضع نايحة يدها على الجهة اليمنى من بطنها وتتلوى من الألم): أي اه.. يابت ماتوجعيش قلبي
عنابة: مالك يامه جرالك ايه مانتِ كنتِ كويسه
نايحة: مش عارفه مغص في جنبي حيموتني
عنابة: بعد الشر عليكِ يامه... انا حانده لام سيد تيجي تشوف مالك
نايحة: لالا دي ست كبيرة بلاش تخبطي عليها الساعة دي انا شويه وهابقى كويسه وحفوت عليها بكره
عنابة: بكره ايه يامه وتفضلي طول الليل تتلوي من المغص.. طب انا هانزل المطبخ اغليلك شوية حلبة حصى تخفف عنك
نايحة: بلاش يابنتي اخاف عليكِ من الليل ومافيش من اهل الربع حد صاحي ومش حاقدر انزل معاكِ
عنابة (بشجاعة مصطنعة): ماتخافيش يامه مش هاعوق وحاخد بالي من نفسي.......
(تنزل عنابة السلم وفي يدها شمعة صغيرة وتدلف الى المطبخ.. لم يلزمها الكثير من الوقت لتضع غلاية الماء على النار وتبحث عن حفنة من الحلبة على احد الرفوف الخشبية.. فجأة سمعت صوت صرير يصدر من غرفة الخزين التابعة للمطبخ..) بسم الله الرحمن الرحيم.. اثبتي يا عنبه.. منـ من مين.. ( لم يرد عليها احد... مرت لحظات ثم سمعت صوتا اشبه بصراخ قطة مكتوم.. قبضت على الشمعة الصغيرة واتجهت ناحية غرفة الخزين.. وفجأة تمثل أمامها عفريت الربع وقد تلطخت كلتا يديه بالدماء وكان لايزال ممسكا بالساطور الذي يقطر دما على ارضية المطبخ...)
عنابة (تفتح فمها على اتساعه لتصرخ): يالاهــــ...( وقبل ان تفلت صرخات عنابة كان العفريت قد امسكها من الخلف ووضع يده على فمها بقوة وهمس في أذنها..)
العفريت: بت تعرفي لو سمعتلك نَفَس حاكتمك كتمه ابديه (حاولت عنابة الفكاك من قبضته..) ماتحاوليش معايا انا قدك مرتين.. انا حسيبك بس اوعي حِسِك عينك يطلعلك نَفَس انتِ فاهمه (هزت عنابة رأسها بالايجاب..) حفلتك ما تتحركيش من مكانك..
(وما ان افلتت من قبضة العفريت حتى استدارت ناحيته في فضول وكانت المفاجأة..) عنابة (وقد جمد الدم في عروقها): بدرية؟! الله يخرب بيتك انت عفريت الربع..
بدرية: عفريت لما يركبك يابت ايه اللي نزلك المطبخ الساعة دي؟
عنابة (تتلعثم وقد نسيت من الصدمة ماذا كانت تفعل): انا انا.. اه افتكرت نزلت اعمل شوية حلبة لامي لاحسن دي عندها مغص جامد...
(يسمع صوت انين مكتوم قادم من غرفة الخزين..)
عنابة (بقلق وخوف): ايه الصوت ده يا بدرية وايه الساطور اللي في ايدك.. انت قتلتي مين انطقي قبل ما اصوت والم عليك اهل الربع
بدرية: بس يامهفوفة اخرسي خالص مش شغلك انا اقتل اللي انا عايزاه واللي مش عاجبني ادبحه
عنابة: ياليلة مطينة بطين مين المدبوح اللي جوه ده لسه فيه النفس
بدرية (بثقة زائدة): ماتقلقيش انا هادخل اخلص عليه ومجهزاله الحلة الكبيرة اسلقه فيها واحمره بالسمن البلدي واكله بسناني وامرمش عظمه
عنابة: بدرية انتِ انتِ دبحت مرسي افندي مش كده
بدرية: انا قطمت رقابته وكتمته للابد ومش هايعود يصحيني في نصاص الليالي تاني ابدا المجنون ابن المجنونة
(تجلس عنابة على الارض وتتنهد بارتياح..) يخرب بيت سنينك ياشيخة.. الله يخرب بيت جنانك.. دبحت مرسي افندي يا فالحة دي امك حتطلع البلا الازرق على جتت اهل الربع كلهم
بدرية: لا مانا مخططه كويس.. انا بعد ما اخلص انظف كل حاجة واصر بقية العظم لحد ما اخرج من الربع مش حسيب له اثر وبكده يبقى ماحدش هايعرف ايه اللي جراله واكون خلصت اهل الربع من شره وانت تكتمي على اللي انت شوفتيه لاحسن...
عنابة (باستسلام وتنهد): من غير ماتكملي ماليش مصلحة افتن عليكِ كفايه الرعبه اللي كلتها بسببك الليلة.. انا هاخد الحلبة وطالعة لامي تصبحي على خير...
(تأخذ عنابة كوباية الحلبة والشمعة وتعود ادراجها وهي ماتزال تحدث نفسها بأحداث الليلة... وعندما وصلت الى الدرجات المؤدية للطابق الثاني تسمرت في مكانها من الخوف فقد وجدت نفسها وجها لوجه أمام عفريت الربع الحقيقي...)
--------------------------------------------------


(7)







(اسرعت عنابة باطفاء الشمعة وقبعت في مكانها اسفل الدرجات ترقب العفريت من بعيد.. كان يتحرك ببطء امام حجرة سنية ثم يتوقف فيطرق الباب ويتحرك من جديد.. كان طويل القامة عظيم الجثة يرتدي عباءة طويلة.. لم تستطع عنابة تمييز وجهه وكان الفضول قد دفعها لفعل اهوج...) هاعمل ايه دلوقت... لقيتها انا اقرب منه بشويش وافزعه واشوف وجهه...( التقطت عن الارض حصاة صغيرة وصعدت الدرجات بحذر شديد وعندما اصبحت في منتصف المسافة القت الحصاة عند قدمي العفريت فأجفل وانطلق بسرعة خاطفه واختفى فجأة امام حجرة عشماوي).......
(تندفع عنابة داخل حجرتها بسرعة الصاروخ وتهرول الى امها)
عنابة: امه.. يامه.. انتِ نمتِ يامه.. قومي اشربي الحلبة
نايحة: عنبة مال وجهك اصفر كده ايه اللي حصلك
عنابة: مافيش يامه اشربي الحلبة
نايحة: مافيش ازاي وانا هاتوه عنك.. لونك مخطوف ونفسك مقطوع فيه ايه يابت انطقي
عنابة: يامه انتِ دماغك راحت فين بس هاريحك واقولك.. ( سردت عنابة كل احداث الليلة على نايحة التي اخذت تستمع لابنتها باهتمام وهي تكاد لا تصدق ما جرى...) مش قولتلك يامه اني مش مستريحة لعشماوي ده.. اقطع دراعي ان ما كان هو ورا اللي حصل للمعلم ابو بدرية
نايحة: بس انتِ متأكده يا عنبة انه هو عفريت الربع
عنابة (تخرج من جيب ثوبها شيئا لامعا): امسكي يامه وادي الدليل
نايحة: ايه ده دي سبحة عبد الشكور هي بعينها جبتيها منين يابت
عنابة: لقيتها قدام اوضة سنية الظاهر انها وقعت منه لما هرب
نايحة: اي والله يابت ده بحق وحقيق هو عبد الشكور التورباتي هو عفريت الربع.. بس بيعمل كده ليه (فجأة يسمع صوت طرقات على الباب) ايه ده يا عنبة معقولة يكون...
عنابة: لا يامه مش معاده دلوقت احنا بقينا وجه الفجر...
(صوت من خلف الباب): بت يا عنابة افتحي انا سنية
نايحة: افتحيلها يا عنبة.. استرها يا رب
(تفتح عنابة الباب وتدخل سنية وهي تلهث وتنظر حولها في قلق) انا سمعتكم وانتم بتتكلموا وجايه انصحكم ماتنبشوش ورا عفريت الربع وخليكم في اكل عيشكم
عنابة: يا سنية احنا خلاص عرفنا مين هو عفريت الربع
سنية: عبد الشكور مش كده
عنابة: يعني انتِ كنتِ عارفه من الاول
سنية: يا عنبة مالكيش صالح في الموضوع ده اقفلوا عليكم بابكم انتم مش قد الناس دي
نايحة: ناس مين يا بنتي اتكلمي ماتخافيش
سنية: انا ماعرفش كتير كل اللي اعرفه انه عبد الشكور والمعلمة ام بدرية بينهم حاجات مريبة احنا مانعرفهاش.. ساعات كنت بشوفهم مع بعض بيتهامسوا ويلتفتوا حواليهم وساعات كنت بشوف عبد الشكور بيخبط على اوضة المعلمة بالليل واول ما تفتحله كان يطول صرة من جلابيته ويديهالها وهو خايف لحد يشوفه...
عنابة: وماقدرتيش تعرفي ايه السر اللي بينهم
سنية: لا ابدا.. انا بعد ما اتأكدت انه عبد الشكور هو اللي بيخبط على نسوان الربع بالليل قولت اسك على الحدوتة دي ماليش صالح واقفلت عليا بابي
عنابة (بغضب): وعملت علينا عبيطة وماتعرفيش حاجة
نايحة: استني بس يا عنبة ما هيه عندها حق
عنابة: لا يامه انا عايزة اعرف همه بيعملوا كده ليه وكمان من حق اهل الربع يعرفوا اللي بيعمله عبد الشكور بيهم ويعرفوا حقيقته... وانتِ يا سنية ده انتِ جيتي الربع ده حتة لحمه حمرا على دراع امك الله يرحمها واهل الربع دول همه اللي ربوكِ وراعوكِ مش من حقهم عليكي دلوقت توقفي في وجه اللي يرعبهم ويئذيهم
سنية: انا مش عايزه مشاكل... اهل الربع دول اهلي وغاليين عليا وهاعمل اي حاجة علشانهم
عنابة: يعني معانا يا سنية لحد ما نكشف عشماوي وام بدرية
سنية (بعد تفكير عميق): معاكم يا عنبة وربنا يستر....
عنابة (تقف في وسط الغرفة وتبدأ الكلام وكأنها نابليون بونابرت يخطط للمعركة): شوفوا بقى احنا لازم نراقب عشماوي ونعرف هو بيروح فين وبيجي منين بيكلم مين وبيقعد مع مين وبكده اكيد هانوصل لحل لغز العفريت
سنية: ايوه يا عنابة بس ده تورباتي يعني كل تحركاته حتكون في التورب وبين الميتين
عنابة (بثقة بالغة): يبقى نراقب التورب....
--------------------------------------------------


(8)







(تقبع عنابة ونايحة في مكان منعزل من المقابر)
عنابة: ايه مالك يامه بتبرطمي بتقولي ايه
نايحة: بقرا الفاتحة للميتين والمعوذتين ليا.. انا اتسرسبت خلاص يا عنبة الله يخرب بيت الشوره المهببة دي.. كان مالي انا ومال العفاريت بس يا ربي
عنابة: انتِ هاتعددي يا نايحة هو ده وقته... مش انتِ اللي اصريتي تيجي معايا وسنية هي اللي تراقب المعلمة ام بدرية استجدعي معايا بقى واستحملي خليكي راجل اومال
نايحة: ماشي يا حيلة امك يعني هو ماكانش ينفع نيجي التورب الا بالليل
عنابة: اعملك ايه يامه ماهو المخفي عشماوي فضل ملقوح على القهوة طول النهار قال ايه السوق واقف ومافيش خرجة (جنازة) النهاردة
نايحة: وهو مادام مافيش خرجة ايه اللي جابه التورب الساعة دي؟
عنابة: ده اللي احنا هانعرفه لما تبطلي زن في وداني يا نايحة.. اششش اهو عشماوي خارج من اوضة الغسل اهو
(يخرج عشماوي وفي يده معول كبير ويتجه ناحية المدافن الجديدة وفي ركن متطرف يبدأ عشماوي الحفر...) 
نايحة (وقد اصفر وجهها): الحقي يا عنبة ده بيحفر لمين الساعة دي
عنابة: مش عارفة يامه بس احنا مش منقولين من هنا الا لما نعرف
( ينتهي عشماوي من حفر قبر جديد ثم يقف ليلتقط انفاسه... يظهر من بعيد خيال امرأة تتجه ناحيته..) 
عنابة: امه شايفه اللي انا شايفاه ده
نايحة: همه بيقولوا ايه مش سامعه حاجة.. يعني يا بت ماقدرتيش تلاقيلنا مطرح احسن من كده
عنابة: وانا ايش عرفني انه هايكلم واحده ست في التورب.. ثم ماكانش في شاهد اكبر من ده نستخبى وراه
نايحة: تفتكري دي ممكن تكون ام بدرية
عنابة: لا يامه المعلمة مكلبزه عن كده عشر مرات مش ممكن تكون هيه
نايحة: دي بتديه حاجة.. صرة صغيرة ومشيت.. تعالي نقطره نشوف هايروح فين
(تذهب المرأتان خلف عشماوي الذي يدخل غرفة الغسل ويغلق عليه بابها...)
عنابة: تعالي يامه نقف تحت الشباك جايز نشوف او نسمع حاجة...
( يجلس عشماوي الى طاولة صغيرة ويخرج الصرة امامه ويفتحها..)
نايحة (وقد ازداد شحوبها): يالهوي يابت دي الصرة فيها صيغة دي غوايش دهب
عنابة: وايه ده اللي معاه يامه
نايحة: ياليلة طين ده قَتَر (قطعة من القماش او بعض الشعر من أثر شخص معين تستخدم لعمل السحر او الحجوبات)..
 (وبعد قليل يدخل من الباب الخلفي للتورب ثلاثة رجال يحملون على أكتافهم نعشا ثم يدخلون به الى غرفة الغسل ويخرجون بسرعة ويتجه احدهم ناحية عشماوي الذي يناوله شيئا بيده بدا وكأنه نقود... ثم تظهر من خلف الرجال المعلمة ام بدرية التي تدخل الغرفة خلف عشماوي..)
نايحة: ايه ده ياحومتي الوليه بتصر ورق وحجابات وبتحطها في كفن الميت...
عنابة: بصي يامه عشماوي بيشيل الغوايش من الصرة ويحطها في عِبُه ويصر صراير صغيرة بالورق ده تاني...
نايحة: ياولاد الجنية انا كده فهمت
عنابة: فهميني يامه اعملي معروف
نايحة: دول بيحطوا حجابات للنسوان في كفن الميت علشان ينزل معاه القبر ومش بعيد يكون العمل ده فيه سحر شطاني كمان يعني سرهم باتع ولا ممكن حد يقدر يخرّج السحر ده تاني ابدا... ياولاد العفاريت ده تلاقيهم مخاويين بسم الله الرحمن الرحيم
عنابة (بفزع): ايه يامه سحر.. مخاويين... (تزل قدم عنابه عن الحجر الذي كانت تقف عليه فتقع على الارض مصدرة ضجة)
عشماوي (بصوت أجش): مين هناك؟
نايحة: قومي يا عنبة نجري قبل ما يمسكونا ( تحاول نايحة وعنابة الهرب لكن عشماوي والمعلمة كانوا قد طوقوهما وامسكوا بهما)
نايحة تولول: كله من جنانك يا مقصوفة الرقبة.. كان مالنا ومال الغلب ده بس...

ام بدرية: اخرسي خالص يا وليه انتِ... بقى عاملالي فيها مخبر انتِ وبنتك.. مش تخليكي في اكل عيشك
(يقوم عشماوي بربط عنابة ونايحة بحبل ويلقيهما على الارض في غرفة الغسل) ده انا هاشرحكم واتاويكم في حفرة واحدة
ام بدرية: استنى انت يا معلم.. قوليلي يا نايحة حد غيركم يعرف حاجة عن الموضوع ده
عنابة: لا محدش يعرف وسيبونا لاحسن نصوت ونلم عليكم الدنيا
(تصفع المعلمة ام بدرية عنابة على وجهها..) اخرسي انتِ يا حيلة امك.. انطقي يا نايحة
نايحة: ماماما... محدش.. احنا بس
ام بدرية (تبتسم وتكشر عن أسنانها المصفرة بمكر): تمام كده شوف شغلك يا معلم
(يتناول عشماوي صندوقا ضخما من احد اركان الغرفة ويفتحه..) تحبوا خرجتكم تكون ازاي يا حلوين... ايه رأيك يا معلمة حقنة هواء ولا فوطة مبلولة ولا ايه رأيك انا من زمان ماشوفتش دم... هاجز رقابيهم زي العجل واقطع صوابعهم اخدها تذكار
ام بدرية: اعمل فيهم اللي انت عايزه بس خلصنا خلي الليلة دي تعدي على خير احنا ورانا شغل
(يخرج عشماوي سكينا من الصندوق وبعض الجرائد..) الجرايد لزوم الدم انا مابحبش انظف
(ترتعد نايحة وتبدأ بالصويت) 
تصرخ عنابة: استنوا استنوا
ام بدرية: فيه ايه يابت يا مزغودة عايزه ايه
عنابة (ببراءة): عايزه اعرف المعلم ابو بدرية مات ازاي
(تضحك المعلمة ام بدرية ضحكة هستيرية..) عايزه تعرفي وماله مايخسرش نقولك.. المعلم كان راجل مفتري شفت معاه ايام اسود من قرن الخروب كان لما يحب يتسلى يربطني ويضربني بالكرباج لحد ما يغمى عليا من الوجع
نايحة: طب وانتِ ياست ام بدرية ما طلبتيش الطلاق ليه
ام بدرية: هاها انتِ فاكره ايه ياوليه ده كان مفهمني انه مخاوي وكان له عفاريت تمسخ البني ادم اللي مايعجبوش
نايحة (بتعاطف): يا ساتر.. وقتلتيه ازاي ياختي قولي قولي فضفضي
ام بدرية: في ليلة حضرتله العشا واستنيته لما رجع من التورب حطيتله السم في العسل الاسود.. فضل ياكل ياكل لحد ما السم ابتدى يشتغل طلعت وعملت روحي بصوّت وكانت دي العلامة اللي اتفقت عليها مع عبد الشكور دخل على المعلم وهو بيطلع النفس وكمل عليه...
عشماوي (بتأثر شديد): يخرب بيته فين ماراح ده غلبني لحد ما طلع الروح
ام بدرية (تتجه نحو عشماوي وتلومه): ماهو لو السم اللي انت جيبته ماكانش مضروب ماكانش الراجل قام من رقديته في نفس الليلة
عشماوي: اهو غار في ستين داهيه ده كان مطلع عيني ابن الجنية
ام بدرية: بس علمك كار بتاكل منه الشهد دلوقت
عشماوي: احنا هانقطع على بعض يا معلمة ولا ايه. ده انتِ بتقسمي معايا النص بالنص
ام بدرية (بعد ان ضاقت ذرعا): خلاص خلاص شوف شغلك وخلصنا من البلاوي دي الفجر قرب يشقشق
(يسن عشماوي السكين ويتمتم بعبارات غير مفهومه ثم يقترب من عنابة ونايحة...)
ها تحبوا نبتدي بمين... انا هاستفتح بالسمرة المربربه دي... تعالي ياحلوة ( يفك عشماوي قيود عنابة ويجرجرها على الارضية ثم يضع السكين على رقبتها..) بسم الله.. الله أكبر (يحز عشماوي رقبة عنابة ونايحة تنظر اليه وتولول على ابنتها وما ان ترى الدماء تجري من رقبة عنابة حتى يغمى عليها.... وقبل ان يتسنى لعشماوي انهاء عمله تدخل الغرفة قوات الشرطة وتحاصر كلا من عشماوي والمعلمة ام بدرية.. وتجري سنية من خلف الضابط وتبدأ بالصراخ حين ترى كلا من نايحة وعنابة على الارض)................


(في اليوم التالي وفي حجرة نايحة وعنابة، وقد جلست عنابة في السرير وعلى وجهها آثار التعب...)
سنية: يااااه غمة وانزاحت....
نايحة: اي والله يابنتي... مين كان يصدق ان عنابة يتكتبلها عمر جديد
عنابة: يا نايحة انتِ مش عارفه بنتك ده انا بسبع ترواح يا جميل (ترتمي عنابة في احضان نايحة وهي تتنهد بارتياح...)
نايحة: الحمد لله قدر ولطف وخلصنا من المخفي عفريت الربع للابد
سنية: صحيح انتوا ما قولتوليش هو كان بيخبط على ستات الربع ليه
نايحة: عبط بعيد عنك دي كانت وسيلة رخيصة علشان يعمل لنفسه دعاية يعني مادام الربع فيه عفاريت يبقى هو مخاوي وماحدش يقدر يقرب منه ولا من الربع لانه مسكون
طبعا وام بدرية كانت مهاوداه في اللي كان بيعمله وتجيبله زباين وتقاسمه بالنص...
عنابة: ما قولتيش يا سنية بدرية عامله ايه
سنية: كويسه وفي احسن حال بعد ما خلصت من امها المفترية ورجعلها ميراثها واهيه حتتجوز قريب
نايحة: بدرية تتجوز مين اللي امه دعياله ده
سنية: الواد مصلحي اللي المعلمة رفضت تجوزه بنتها وكرشته بره الربع...
نايحة: يا رب يتمملهم بخير ويديروا الربع بما يرضي الله
عنابة: اي والله يامه ويتمملي انا كمان واتكعبل بحد محترم بعد ما اخف واريحك من همي
(سنية ونايحة في نفس واحد): آآآآآآآمين



تمت