Tuesday, September 6, 2011

"جريمة في كفر ساقية قتيل العيد"




(1)
"الحيرة"

زي النهاردة قبل سنة حصل اللي حصل وخسرت اخويا ابن عمي وصاحب عمري عويضه في حادثة اختفاء غريبة
البلد كلاتها ما صدقتنيش لما حكيتلهم ع اللي جرى اللي قالوا عليا مجنون وبخطرف واللي قالوا دبح ولد عمه علشان يلهف نصيبه في ارض جدهم واللي قالوا سفره بره ودخله مصحة
وبقيت امشي في البلد مطاطي راسي لا عارف اعمل ايه ولا اروح فين.. وفي يوم كنت بمشي رجليه على الزراعية سمعت نسوان البلد وهمه بيتحدتوا عني زي العادة
كانت مرت الغفير حسنين قاعدة وسط الحريم زي الغضنفر وهي بتقولهم
- ده قتله في ليلة ظلمة وقطع جتته قطيع وخفاه تحت الساقية القديمة من غير لا شفقة ولا رحمة
- لع ده اكيد ولابد دبحه وخفى جتته في اوضة نومه ده ابن ريه انا اللي عارفاهم اسألوني انا
- ايون ياختي طول عمرها ريه بت فضة قادرة وبتغير من عويضه لانه بقى دكتور قد الدنيا وابنها لع وتلاقيها هي اللي وزت ابنها يعمل كده في ولد عمه
- اني بدي اعرف جالها قلب ازاي وهي اللي مربيه عويضه ده يا كبد امه لما اتيتم شالته على ايديها لحمة طرية وقسمت لقمة ابنها وفرشته وهدمته معاه ده هي اللي صممت وبعتته البندر مع ابنها علشان يكملوا علام
- ما يغركيش المظاهر الكدابة دي هي كانت فاكرة كده تقدر تبلف عقل الواد وتخلصه حقه في ورثه لكن نقبها طلع على شونه تلاقي الواد طلب حقه قامت قتلته هي وابنها دي كوشت على صيغة المرحومه امه بكل بجاحه قبل الاربعين بحجة انها عتصرف على الواد ... الله يرحم ابوه كان مهنيها
- لا والادهى والامر انها قدرت تاكل دماغ الحكومة والعمدة وطلعت منيها زي الشعرة من العجين لكن احنا مش عنسكت ونقعد القتلة دول في وسطينا احنا لازم نطفشها هي وابنها من البلد النهاردة قبل بكرة.......

وفضلت شايل الشيلة التقيلة دي على راسي ريح تجيبني وريح توديني لا عارف انا عملتها صوح ولا لا لحد ما قررت مابقاش ندل وجبان عايش بذنب ابن عمي بقية عمري وقررت ادور ع الحقيقة وارجع لكفر قتيل الساقية اللي خرجت منه كيف المطاريد في ليلة ظلمة مافيهاش ضي قمر......


                           

-------------------------------
(2)
"الطريق الى المجهول"

- الحق يا عويضه الحقني يا ابن عمي هنيني وباركلي
- الف مبروك ياخويا بس على ايه
- اخيرا استلمت الجواب بيدي وخلاص باينها حتفرج اتوظفت
- الف مبروك يا عوضين مش قولتلك حتفرج وعرفت اتوظفت فين
- تصدق ما ختش بالي من الفرحة استنى لما اقرا العنوان في ايون اهو في كفر قتيل الساقية
- ايه الاسم الغريب ده انا عمري ما سمعت بالكفر ده قبل كده
- الحقيقة ولا انا عموما هو شرقي واللي يسأل مايتوهش
- وناوي ع السفر امتى؟
- طوالي اجهز نفسي واودع الحاجة واسافر امي امانة برقبتك يا عويضه
- لا ازعل منك يا عوضين حد يتوصى على امه برضك
- معاك حق يا خويا
وودعت امي وابن عمي وخرجت من البلد قبل الفجر ما يشقشق وانا كلي حماس وامل خدت اول مركوب على المركز وسألت على عنوان الكفر هناك سألت كتير لكن محدش سمع بالمنطقة دي قبل كده الدنيا قربت على الظهر وانا داير اسأل جايز اعتر في حد يدلني وبدأت افقد الامل خصوصا وانا على لحم بطني من الفجرية شلت خلاقاتي على كتفي وقعدت تحت شجرة قريب من الطريق اريح شويه وانا بدعي لربنا يفرجها عليا وفجأة حسيت بظلة فوق راسي بصيت لفوق لقيت راجل واقف قصادي كان كباره كده اسمر عظيم الجتة لابس جلابيه صفرة وطاقية صغيرة وفي ايده عكاز شكله مألوف حسيت اني اعرفه وبقيت اقول لنفسي الخلقة دي مش غريبة عليا انا شوفته قبل كده بس فين
وانا في التوهة والسرحان ده هزني جامد من كتفي وقالي: يا بلديات ولاد الحلال دلوني عليك وقالولي انك عاوز تروح كفر ساقية قتيل العيد ليك شوق اخدك هناك
- انت تعرف فين الكفر يا عم
- اوصلك بالعربية انت وخلاقاتك بخمس وتلاتين جنيه قولت ايه
- خمس وتلاتين ليه هي بعيدة قد كده!
- بعيدة التسعيرة كده وان كان ليك خاطر
- ماشي نوصلها امتى
- مغربية اركب
وطلعت معاه وانا قلبي بيرجف مش عارف هو الخوف الطبيعي من اي حاجة جديدة ولا الخوف من حاجة تانية وصاحبي في الرحلة كابو الهول ولا نطق بحرف رغم محاولاتي الفاشلة اني استدرجه لاي حديت قافل بقه بالترباس وعينه ما غفلتش عن الطريق لحظة والظاهر اني غفيت شوية لاني فقت على هزه ليا وفرد كفه وقالي كلمة واحدة: الاجرة
طلعت فلوسه من جيبي وايدتهمله وبصيت حواليا الطريق كان ظلمة ومافيش غير الزراعية وصوت الحمير والكلاب وصراصير الليل قولتله يا عم الحاج هو ده النجع اروح فين طيب؟ فرد دراعه بعصايته الغريبة وقالي: شرق لحد ما تلاقي دوار العمدة
- طيب ولو عوزت ارجع المركز ادلك ازاي
- تلاقيني هنا مغربية كل طلعة هلال
بصيت في الطريق اللي شاور عليها
- دي باينها حتة مقطوعة يا عم الحاج انت متأكد انه ده النجع؟ وبدور وجهي ناحية الحاج اتأكد منه مالقيتوش ولا ليه اي اثر الصراحة قلقت اختفى ازاي بالسرعة دي وازاي ما سمعتش صوت العربية وهي ماشية دي تلات تربع عمر وكان صوتها شبه وابور الجاز بتاع خالتي ام زنابق ليلة العيد الكبير!
حسيت بلفحة هوا وعرق بارد بيسح على ظهري وانا بتلفت حواليا وكأنه حد بيراقبني شلت خلاقاتي وبصيت للطريق اللي كان عامل زي المغارة من الظلمة لا تعرف اوله من اخره وماكنش قدامي حل تاني غير اني اكمل في الاتجاه اللي شاورلي عليه الشيخ
                       
-----------------------------------------------

(3)
"عفاريت الزراعية"

شجعت نفسي وابتديت امشي على مهل وانا بدعي ربنا الاقي دوار العمدة بسرعة كان الطريق طويل مش باينله اخر والشجر بيحفه من الجانبين ما كنتش سامع غير صوت نفسي حتى صوت الحمير والكلاب اختفى شويه وحسيت انه حد ماشي ورايا فخففت من سرعتي جايز حد من اهالي المنطقة واهو يكسب فيا ثواب ويدلني وطرطقت وداني كويس لكن مافيش غير صوت خطوتي انا وفجأة حسيت زي ما يكون حد بيشدني من رجل البنطلون انا جمدت من الرعب وقلبي وقع في الارض سيبت رجليا للريح وهاتك يا جري ماهو العمر مش بعزقه وجريت جريت لحد ما نفسي اتقطع وماعدتش رجليا تشيلني وقفت اخد نفسي وانا ايدي على قلبي احوشه لينط بره صدري سمعت صوت خروشة جاي من ورايا وقف شعر راسي واحترت اعمل ايه اصوت كيف الحريم ولا اجري تاني وقررت اواجه الخطر واستعمل التلات دروس اليوتمه اللي انا خدتهم في الكونج فو في نادي الجامعة وانقض على خصمي كالشيتا على فريسته وبقيت في وضع الاستعداد للانقضاض كتافي لازقين في صدري وركبتي ورا ظهري وايديا في الهوا زي جناحين صقر وصرخت صرخة القتال وانا بنط في الهوا وقبل ما انزل كان صوت حريمي بيزعق ويقول مين هناك وطبعا فرملت في نص النطة من الخضة ونزلت على الارض في وضعية لا احسد عليها وكل اللي انا فاكر اني شوفته قبل ما افوق من الصدمة كان زنوبة حريمي حجم عائلي وفجأة حاجة شالتني من قفايا مترين في الهوا وماسورة بندقية لزقت في مناخيري والصوت الحريمي بيقولي: انت مين انطق لاحسن اضرب في المليان
حاولت ابص لتحت اشوف فيه ايه لكن الرؤيا كانت معدومة خالص
بقيت حاجة تشيلني وحاجة تحطني بطني كركبت على الاخر والصوت تاني زعق: انطق قبل ما طوخك
- لا ابوس ايدك اوعي اطوخي انا حاقول على كل حاجة نزلوني وانا اعترف على طول
- لع قول وانت فوق
- فوق ليه بس طيب نزلوني نتعارف الاول
- قول يا ولد
- اقول اقول انا عوضين المهندس الزراعي اللي اتعين عندكم في الجمعية الزراعية ومعايا جواب التعيين اهو في جيبي
ولسه بطلع الجواب من جيبي بالعافية حسيت بلدوزر خبط في يدي وخطف الجواب مني دي اكيد هتطلع شمشونه المفتريه وقالت: دلوك نشوف عتقول الحقيقة ولا لع
وسمعت صوت همس الظاهر شمشونه معاها حد تاني بس الغريبة انه الاصوات كلها حريمي هي البلد دي مافيهاش ردالة ولا ايه!
وفجأة لقيتني نزلت الارض ماسورة في ظهري بتزقني وشمشونه قدامي مارد باسم الله ما شاء الله طول بعرض بارتفاع وكله اسود باسود اهو كده خلفه ترفع الراس بصحيح مش تقولي البنات المسلوعة بتوع اليومين دول وانا في وسط انبهاري بخلفة مصر اللي تشرح الماسورة اللي في ظهري زقتني جامد جوه باب دخلنا منه على دوار وقعدوني على روكبي في الارض قدام مني وفي وسط المجلس قعدت عجوز يتخيلي اني في التلاتين سنة اللي فاتوا من عمري ما شوفتش حاجة مرعبة ولا ابشع منها وجهها ابيض باهت ليها عين واحدة زرقا زراق غريب وعينها التانية بيضا كلاتها ولابسه اسود باسود كان منظرها يشيب العيل في حجر امه لدرجة اني ماقدرتش اشيل عيني عنها شمشونه زقتني بكعب البندقية على كتفي وقالت: هم يا واد حب على ايد الست العمدة بصيت لايديها كانت بلون طين النيل الاسود بظوافر طويلة زي حد السكين وكانت اخر حاجة شوفتها قبل ما يغمن عليا الخاتم الكبير اللي في صباعها وعليه تعبان براسين
               
---------------------------------

(4)
"نسايم وشفشق"

- ادلقي عليه ميه تاني خليه يفوق ونعرف نكلمه
- فوق يا غريب هي تكية تنام وقت ما انت عاوز قوم رد ردت الميه في زورك
دي شمشونه كانت بتصحيني بكل حنيه وعطف.. قمت وكانت دماغي تقيلة زي مايكون جواها زلط وعظمي وجعني قوي وسامع طنين غريب في وداني... وصوت العمدة وهي بتسألني كأنها بتتكلم من بير غويطة: قول يا غريب انهي ريح اللي حدفتك حدانا
- انا انا انا العوضين مهندس اللي اتزرع في الجمعية التعيينية حداكم
- هاهاها لا ودمك خفيف يا ولد نسايم وضبي اوضة بحري للضيف ده حيشرف حدانا ولزوما نعمل معاه الواجب خدوه يريح جتته والصباح رباح
شمشونه بقيت نسايم تيجي ازاي دي ممكن تكون عواصف اعاصير لكن نسايم ماتركبش! مشيت بين جوز الغفر نسايم وشفشق من غير اي مقاومة وكانوا تقريبا شايليني في وسطيهم وكنت حاسس ساعتها باحساس الفرخة وهي بتتاخد من وسط اخواتها وتتحط تحت ضرس عشماوي

كانت ليلة شوفت فيها كوابيس بعدد شعر راسي اشي ازرق نيلة واشي ابيض واسود ولا افلام هتشكوك اللي كنت احوش طول الشهر انا والوله عويضه علشان نشوفها في قهوة الوله حمدان..
قمت الصبح شعري منكوش وعنيا حمرا والجزمة مش في رجلي اني لما اكتشفت اني اتقلبت في الجزمة في الليلة الغبره دي برج من نافوخي طق وبقيت ازعق واقول يا ولاد الهبله تخلصوا على البرجين اللي كانوا حداي ماشي تنشفوا دمي وتعملوا عليا فيلم امنا الغولة ماشي انما تقلبوني في الدزمة الجديدة لع والف لع كمان
اني اذكر انه الاوضة كان لها باب فجأة لقيت شمشونه قصدي نسايم واختها شفشق فوق راسي مكتفيني وحاطين جزمتي في مناخيري وهمه بيحاولوا يسكتوني خدتها في حضني وقعدت اقلب فيها الحمد لله سليمة مش ناقصة حاجة ناس تخاف ما تختشيش صوح
- انت يا جدع انت ايه الجعير الحياني ديه عندك الطست اهه اغسل وجهك وفوت قدامي جناب العمدة عاوزاك
- مابلاش العمدة ع الصبح
- بتقول حاجة يا ولد
- لع بقول جاي وراكم على طول واني اقدر اتأخر ع جناب العمدة
الحقيقة العمدة رغم منظرها القاسي الا انها كانت اخر كرم معايا واني عموما ماشوفتهاش كتير وشمشونه وشفشق قاموا بالواجب وكان فطار ملوكي وبعدها خدوني لففوني في البلد لحد الجمعية وسابوني لوحدي بعدها على اني ارجع الدوار على موعد الغدا...
كانت الحاجة اللي استغربتها هدوء البلد العجيب واهله. كله بيشتغل من غير حس خالص نسوان ورجالة والجمعية كانت فاضية مافيهاش غير شوية سجلات قديمة فهمت من شفشق انه براهيم عامل الجمعية في اجازة يومين
خرجت من الجمعية وكانت دماغي عماله تودي وتجيب في اللي حوصل ليلة امبارح وانا بقرب من الدوار لفت نظري اثار عجل عربية مش بعيد قربت منه كان هو نفس الاثر اللي سابته عربية الشيخ امبارح على الطريق الزراعي في المركز معقولة ده ما يبعدتش اكتر من خمسين متر عن الدوار اومال المشي والجري اللي انا هببته ليلة امبارح ده كله كان فين وفين الطريق الطويلة اللي اني مشيت فيها معقولة كنت بخطرف وكنت جنب الدوار طول الوقت!
-------------------------------------

(5)
"ليلة مقتل الحمار"


وعدى الاسبوع الاول في البلد بهدوء.. اتعرفت على براهيم وبدأت الشغل في الجمعية وكان براهيم راجل في العشرين متحفظ جدا كبقية الناس هنا
لاحظت في البلد دي حاجات غريبة اولهم الرجالة كلهم شباب مافيش عواجيز اكبر نفر مايزدتش عمره عن اربعين اما النسوان فاغلبهم كبير في السن
واغرب مافي البلد دي حيواناتها تصرفاتها غير الحيوانات اللي نعرفها خالص.. جنب شباك اوضتي شجرة كبيرة معششة عصافير طول الليل تزقزق حتى لو مافيش قمر تزقزق وتفضل صاحية طول الليل تتخانق في الظلمة وكانهم ما يعرفوش النوم.. والاغرب قططهم قطة براويه بتيجي كل يوم المغربية تطلب اكل وصحاب الدار يكرموها لاحظت انها بتاخد الاكل وتدفنه في التراب ورا الدوار وترجع تطلب اكل تاني حكاية غريبة مش قادر الاقيلها اي تفسير وخصوصا اني متأكد انه القطط مابتدفنش اكلها...
وفي يوم وكنت بتمشى جنب غيط فتحية الارملة ودي كانت بتشتغل في قراريط للعمدة تزرعهم وتاكل منهم هي وعيالها كانت بتزعق وتولول قربت اشوف مالها جايز محتاجة مساعدة.. كانت ماسكة في ايدها شعر كتير بيسح منه دم وعلى الارض حمارها غرقان  بدمه باينه سلم الروح وقريب منه قعد جارها سعدان وجهه اصفر وفي ايده سكين بتشرشر دم ولما اهل البلد اتلمت على صويت فتحية سعدان رمى السكينة وجري....

صحيت في نص الليل على صوت خبط ع الباب وصوت شمشونه بتنادم عليا ولسه قايم اشوف فيه ايه شدتني من الجلابية وقالتلي امشي وراها وصلنا اول البلد وفي الساحة الكبيرة اتجمعت الخلايق ووقفوا صف على شكل نص دايرة وقدامهم قعدت العمدة وراها نسايم وشفشق وعلى يمينها فتحية الارملة وفي وسط الدايرة سعدان على الارض جنبه حبل تخين  
- قولي يا فتحية ع اللي حوصل
- اقول يا عمدة كنت في الغيط عصرية زي عوايدي بلقط شوية فجل وقريب مني حماري علشان ارجع بالحمل عليه الظاهر غفلت عنه دخل قراريط سعدان ولسه عروح اجيبه سعدان جري وراه بالسكين وقطع دنبه المسكين فضل يرفص غرقان بدمه انا اصوت حد ينجدني وسعدان واقف يتفرج ع الحمار وهو عيموت والسكين في يده والمشمهندس عوضين شاهد على كل اللي جرى
- قرب يا باشمهندس قول والله العظيم اقول الحق وقول على اللي شفته
وحلفت اليمين وقولت على اللي انا شفته وكان كلامي بيأكد رواية فتحية
- ها يا سعدان ردك ايه على اللي سمعته حوصل ولا لع
وابتدى سعدان ينتفض وينوح زي الحريم وهو بيقول: حوصل حوصل بس اني ماكنش قصدي ماكنتش عاوز اقتله ده هو اللي كل يوم داخل على قراريطي ويحش في البرسيم وانا كنت حلاقي منين اوكل البهايم
وبعدما سمعنا سعدان وقفت العمدة وقالت: احنا طول عمرنا في البلد يد واحدة اخوات يساعد الغني الفقير والقوي ياخد الحق للضعيف ولسه الزمن اللي ناكل بيه لحم بعض ماجاشي سعدان غلط وغاصت كيعانه بالدم وجزا الدم دم زيه العين بالعين والسن بالسن قومي خدي حقك يا فتحية
وقامت فتحية وعقدت الحبل حوالين رقبة سعدان اللي اختفى من وجهه الدم وقلبت عينيه وبقى شبه الاموات وقبل ما اعرف ايه اللي حيحصل شدتني شمشونه من دراعي وقالت: احنا مالناش صالح هنا خلاص وشدتني من دراعي حاولت اتكلم اقول اي حاجة اقاوم وافضل واقف لكن لساني انعقد واستسلمت لامرها...




(6)
"سر الساقية"

قضيت بقية الليلة قلقان فكرة تجيبني وفكرة توديني مش عارف هو اللي انا شوفته كان حقيقة ولا خيال ولو حقيقة هيعملوا ايه في المسكين سعدان وبقيت اقول في سري البلد دي فيها حاجة غلط وربنا يستر..
خرجت الصبح بدري البلد هادية كالعادة وكل واحد في شغله وكأنه مافيش حاجة حصلت وخدتني رجليا لحد الساقية القديمة اللي اتسمت البلد باسمها وقررت ادعبس ع الحقيقة لغاية ما اوصلها واكتشف سر المكان الغريب ده...
لفيت حواليها وكان شكلي عامل زي عيل عامل عمله وخايف حد يلقطه ويادوب لسه هخلص اللفة واتلقطت قفشتني شمشونه نسايم وعنيها عيطق منهم الشرر
- بتعمل ايه عندك يا ولد ابوك
- اني مافيش بمشي رجليه شويه
- ومالقيتش غير الساقية تمشي رجليك عنديها
- ايون اهو انا عاوز اعرف ايه حكاية الساقية دي
- حكاية ايه مين قال حكاية
- شمشونة قولي ماتخافيش انا ولد اخوك برضك وعاوز اتنور وادينا قاعدين وبنتساير
- في الحديت ده لع دور على حاجة تانية نتساير فيها
- ماشي اللي حوصل ليلة امبارح وفين سعدان دلوقت وعملتوا فيه ايه
- ايشش اقفل خشمك قبل ما حد من الخلق يسمعك اللي شوفته امبارح ده تنساه خالص ومافيش حد في البلد اسمه سعدان فاهم
- شمشونة ريحيني انا تعبت ودماغي عاملة زي عشة الدبابير ايه اللي بيحصل ببلدكم دي وليه ساقية قتيل العيد ومين القتيل ده
- كل ده عاوز تعرفه ده انت شايل في قلبك يامه
- ريحيني وانطقي بقى واوعدك مش هجيب سيرة لجنس مخلوق واصل
- ماشي عقولك... من يجي اكتر من عشر سنين جاه حدانا راجل من كفر الزيات وكان عليه تار العمدة استقبلته وامنته على روحه وعياله واديته ارض يزرعها وياكل من خيرها وفي يوم صحيت البلد على زعيق الوليه مراته قال ايه صحي الصبح واللي طلع عليه عاوز يتجوز على مرته الكومل المسكينة ما استحملاتش وشكيته للعمدة لكن هو اصر وخرج مغربية من داره وهو مصمم عللى في دماغه قامت مرته دعيت عليه وقالت الهي تروح لا ترجع. ليلتها ما باتش بفرشته والصبح لقوه اهل البلد مرمي تحت دولاب الساقية غرقان بدمه ومسلم الروح وعدت ايام وشهور وبقيت الناس تتكلم عن عفريت الساقية بيخرج في اول ليلة من كل شهر يفحت الارض ويلف حوالين الساقية ومع الايام الناس نسيت الاسم القديم للكفر والساقية اتهجرت وبقينا كفر قتيل الساقية
- والعفريت ده موجود فعلا
- كفاياك سؤال وحديت ماسخ عاد وفوت قدامي قبل ما الدنيا تليل والعفريت يطلعلك
- والله ما مصدق حرف من اللي اتقال بس اعمل ايه في جبروت النسا.. امري لله...
--------------------------------------

(7)
"عفريت الساقية"

يعني ماقدرتش تخليك في حالك يا عوضين... كل اللي حوصل بعد كده بسبب الليلة الغبرة والوقعة المطينة اللي اني وقعت نفسي بيها...
عملت فيها سبع الرجال شديت العمة على راسي واتلفعت بالجلابيه واتسحبت في نصاص الليلي كيف الحرامية وطوالي على ساقية القتيل عسكرت مقابلها وعنيا مفنجلة ويا انا ويا عفريت الساقية ده... ساعة اتنين لا حس ولا خبر الدنيا بقيت صاقعة ورجليا نملت وهميت اقوم وامشي لما بصيت ناح الساقية وشوفت خيال حاجة صغيرة شبه البطيخة بتتحرك على الارض ورا الساقية حبست نفسي وبحلقت جامد..
الخيال كان يطول كل شويه وكانه زرع وبيخرج من الارض لكنه مش زرع ده راس ودراعين وعليهم عباية كمان كان الخيال طويل ورفيع مش باينله ملامح فضل مكانه لحظة بعدها لف مرتين حوالين الساقية بسرعة وكانه طاير بعدها وقف في نفس الحتة اللي طلع منها واختفى بنفس الطريقة اللي ظهر بيها...
انا جتتي لبشت وروكبي اتسرسبت وقريت المعوذات كلاتها.. فكرت طيب اعمل ايه انا دلوقت امشي ورا العفريت ادعبس وراه.. طيب ولو طلع مؤذي اني اروح فطيس.. طيب بلاش امشي وراه وافرقع من الفضول.. طيب اعمل ايه ولقيتني بشجع نفسي واقولها ارجع بات بفرشتك الليلة يا ولد والصباح رباح ادعبس بعد طلوع الشمس واهي تونسني برضك...
وجريت في الطريق وايديا مكلبشة في روكبي سناني بتخبط في بعضها وقلبي عمال يخبط خبيط وخوفت البلد تصحى على صوته... وصلت اوضتي وجريت على فرشتي نطيت تحت اللحاف وكل جسمي بيتنفض عاوز انام انام واصحى الاقي الصبح شقشق والبلد صحيت...
وانا في الحوسة دي دق الباب كان خبط خافت وصوت همس بينده على اسمي
- عوضين افتح يا عوضين
الصوت ابتدى يعلى ويعلى ده عفريت القتيل جاي يخلص علي بعدما قفشته لكن لع مش انا اللي اروح بالساهل.. اتناولت الكرسي الخشب القريب مني واتسمرت ورا الباب وفي اللحظة اللي اتفتحت بيها الباب هويت بالكرسي على دماغ العفريت...
وقع على الارض والدم بيشر من راسه اللي اتهشمت.. قلبته برجلي اشوف هو مين ولما دققت بوجهه اتفجعت مش ممكن ده يحصل.. صرخت بعلو حسي انا قتلت عويضه ابن عمي!
روحت وجيت اتشلت واتحطيت قتلته اني اللي قتلته طيب اعمل ايه...
شلت عويضه على كتفي ومشيت بيه لحد ما وصلت الساقية حطيت جتته السخنة على الارض جنبي وابتديت احفرله قبر اتاويه بيه وقرب الفجر كنت خلصت حفر نزلته قبره وردمت عليه بالتراب ورجعت اجر رجليا رميت جسمي على فرشتي ونمت من غير ما اوعى لحاجة حواليا....
-----------------------------------------------------------------

 
(8)
"شكوك"

صحيت الصبح على صوت خبط على الباب وحد بينده عليا حاولت اقوم لكن جسمي كان متكسر وكل عظمة واجعاني وكانه زريبة بهايم عديت فوق ظهري ليلة امبارح...
صوت الخبط علي وميزت صوت براهيم بينده اتحاملت على نفسي وقمت ايه ده زلط اللي فوق ده.. راسي تقيله قوي فتحت الباب ابص براهيم عاوز ايه
-سلام وعليكو يا باشمهندس انت فين يا راجل
-ما انا متلقح قدامك اها فيه ايه ع الصبح
- صبح مين احنا بقينا العصرية هو انت عيان ولا ايه
- عصرية! وازاي تسيبوني نايم لحد دلوقت
- ما اني بنادم عليك من الصبح محدش هنا افتكرتك خرجت ولا حاجة
- خرجت فين بس ده انا دماغي بتلف بيا كيف التور بالساقية... الساقية!
- مالها الساقية يا باشمهندس
وهنا افتكرت اللي حوصل ليلة امبارح ومش عارف ليه بصيت لبراهيم جامد حاجة فيه كانت غريبة لكن مقدرتش اميزها ساعتها
- شوفلنا حاجة نشربها يا براهيم
- شاي كوشري حالا يا باشمهندس
- ووقف قبالي يعمل الشاي نسيت كل حاجة وركزت في براهيم... وفجاة لقيتها طويل براهيم طويل ورفيع جسمه بالمللي قياس عفريت الساقية معقولة يكون هو!
شربت الشاي وخرجت اشم شوية هوا
معقولة اللي انا شوفته امبارح ده كله كان حلم لكن ازاي انا متاكد من اللي شفته طيب وابن عمي اللي انا قتلته معقولة اقتل اخويا وايه اللي جابه كفر ساقية القتيل اصلا وليه...  دماغي ورمت من كتر التفكير وعجزت الاقي تفسير رجعت اوضتي وكتبت مكتوب لابن عمي عويضه وطلعت بيه لبيت الاستاذ عدنان استاذ المدرسة وطلبت منه يوصله لابن عمي لما يطلع المركز ورجعت اوضتي وما خرجتش منها... وفي الليل شوفت كل اللي حصل تاني الخبط على الباب وانا بقتل عويضه واحفر قبره وادفنه بيدي وتكرر المنام مرتين بعد كده بكل تفاصيله اتحرمت النوم وبقيت دايما مسهم وتعبان...
وفي يوم خدتني رجليا لحد بستان الدوار كانت نسايم قاعدة تحت الشجرة القديمة قعدت جنبها على الدكة وانا شايل صخرة على صدري
- في حنكك كلام يا ولد اخوي جرالك ايه
- لو قولتلك يا نسايم تصدقيني وتشوري عليا
- قول الاول مش جايز الحديت ماسخ وما يتسمعش
ضحكت من قلبي.. وقولتلها على الحلم ومش عارف ليه خبيت عليها حكاية عفريت الساقية جايز لانها حذرتني وقالتلي مامشيش ورا الحكاية دي... سمعتني للاخر وفضلت ساكتة بعدما خلصت بصيتلها وعنيا كلها امل انها تريحني قالتلي
- ابقى اتغطى كويس لما تنام وبيت خفيف بلاش تتقل بالعشا وانسى اللي شفته
- انسى؟
بعد يومين رجع الاستاذ عدنان البلد ومعاه البشارة جواب من اخويا عويضه بيقول فيه انه بخير وانه جاي البلد الاسبوع اللي جاي
---------------------------------------------
 
(9)
"السرداب"

صحيت الصبح مزقطط وفرحان قولت اميل على نسايم واقولها خبر زيارة عويضة دخلت دوار العمدة وندهت عليها وقعدت على الدكة تحت الشجرة استناها طلعت الجواب من جيبي اقراه تاني وفجاة حسيت بحد قعد جنبي اتلفت لقيتها العمدة بتبصلي بابتسامة غريبة وقالت
- اخبار ولد عمك الدكتور ايه زين عاد.... فاغر بقك ليه كده مستغرب! لا ما تستغربش اني العمدة مافيش دبة نملة تعدي عليا في البلد ولا اعرفهاش ها اخباره ايه
 - مين
- ولد عمك عويضه مش كده
- ايوه الحمد لله بخير
- خلي بالك يا باشمهندس عليه واوعاك تمشي معاه في يوم في سكة ظلمة ساعة القدر يعمى البصر
- قصدك ايه بالكلام ده
- ماقصديش اني بنصحك بس دايما حرص انت بتفكر في ايه الاحلام مراية الحقيقة وساعة القدر يعمى البصر فاهمني
سرحت في دنيا تانية الوليه دي غويطة قوي هي تقصد ايه واي حلم تكونش نسايم قالتلها على الحلم اللي اني شوفته؟
................

- عوضين في الحضن يا ابن عمي وحشني قوي
- وانت اكتر ياخويا وازيك وازاي الحاجة
- بخير وبتسلم عليك وبعتالك معايا زيارة تستاهل بقك
- تعالا اقعد اعملك الشاي ونتحدت وحشني حديتك يا راجل
- قولي ازاي الشغل والبلد مستريح هنا مرسالك وغوشني طمني عليك
- وادي الشاي نشرب بالراحة وانا اقولك على كل حاجة
.........................
- يا بوي كل ده حوصل في البلد دي
- ايوه يا خويا نشفوا دمي وبقيت امشي اكلم نفسي
- وايه حكاية العمدة دي كمان يعني هي الرجالة خولصت من الدنيا ما بقاش غير الحريم تحكمنا
- بلاش حد يسمعك لاحسن نروح في داهية
- قولي يا عوضين انت متاكد انك شفت عفريت الساقية
- ايوه وبقيت متاكد اكتر انه لا في عفريت غير بني ادم لما جاني براهيم تاني يوم الصبح
- انت قولت انك شاكك بيه يكون هو العفريت
- اني متاكد مافيش اتنين ممكن يكونوا كيف عود القصب بالشكل ده الا براهيم
- اني كده مش مستريح ما بلاها الشغلانة دي وارجع معايا بلدنا وابعد عن الشر وغنيله
- لا ممكن ولا هاغنيله ولا ارقصله كمان والباب ان جاني منه الريح افتحله الشباك على وسعه ده احنا ولاد الحاج عوكل يا عويضه
- اني خايف عليك طيب قولي اساعدك ازاي
- اني متاكد انه في حاجة غلط بتحصل في البلد ومتورطه بيها العمدة وبراهيم
- وهنعرف كيف
- هنرجع الساقية بالليل ونقطر العفريت لمخباه
- دق الحديد وهو حامي نخرج الليلة بس لو مالقيناش العفريت نعمل ايه
- نفتش حوالين الساقية ولابد نعتر على اثر
وخرجنا انا وابن عمي بعد البلد ما نامت واستخبينا قريب من الساقية نستنى العفريت....

- عوضين الفجر هيطلع ولا في عفريت ولا انسي
- والعمل دلوقت
- مافيش غير ان احنا ندور قرب الساقية جايز نلاقي حاجة
وقربنا من الساقية ولفينا حواليها ندور ونفتش في الارض وفجاة اختفى عويضه من قدامي صرخت عليه مافيش رد صرخت تاني جاني صوته من تحت الارض
- اني هنا يا عوضين تعالا
بصيت حواليا ولحقت الصوت ولقدام شويه كان في الارض حفرة شبه البير بصيت فيها سمعت صوت عويضه حملت المشعل ونزلت على حبل كان مربوط في اول البير ومتدندل لتحت كانت ريحة عفونة مؤذية وجدران البير وكانها عليها زيت او دهن حاجة كانت بتلمع تحت نور المشعل قربت راسي منها كان لونها احمر على اسود كيف الدم وخارج من الجدران نبت غريب ريحته عفنة ولما وصلت لتحت نطيت حاجة اتكسرت تحت رجلي ببص واذ جمجة بني ادم اطحنت تحت مني
- ايه ده عويضه الحقني
- تعالا يا عوضين هات المشعل هنا مش عظم بني ادم ده
- الله يخرب بيت البلد دي دي مقبرة ومليانة عظم بني ادمين
- يا ليلة مهببة هما بيدفنوا امواتهم هنا
- هو النظام ده بتسميه دفن برضك!
- ماتبقاش خواف تعالا نمشي في السرداب ده
- انت اتجننت ولا اتجننت نمشي فين علشان تطلعلنا في اخر السرداب قبيلة عفاريت تخطفنا وتودينا لامنا الغولة
- ايه الحديت الماسخ ديه تعالا بقولك ده العفريت يشوفك يخاف امشي قدامي
- لا وراك وفي ريحك
- طيب هات المشعل
- بص كده ايه الحاجات المتسدفة فوق بعضها دي... كانت شوالات كبيرة مرصوصة فوق بعضها وفتحت واحد...
- الحق ده حشيش
- حشيش الله يخرب بيت كده بلد ولاد الجنية وعاملين المقبرة ايه تمويه يعني!
- علشان كده طلعوا بحكاية العفاريت علشان محدش يهوب ناحية الساقية ويكشفهم
- طبعا ويخلالهم الجو ويتاجروا بالسم الهاري من غير ماحد يشم خبر
بلاش شم دي لاحسن يقولك عقلك تجرب لكن البضاعة لمين فيهم
- باينة زي قرص الشمس العمدة الله يسود لياليها وتبقى ظلمة عليها وعللي جابوها
- ماهو ده اللي انا مش قادر افهمه لحد دلوقت ازاي بقيت عمدة من اساسه والناس مطاوعاها كده
- سالت ودعبست يامه محدش فادني حتى شمشونة نسايم اللي اني برتاحلها وعديتها زي امي ما رضتش تقولي
- معقولة ورثت العمودية عن جوزها مثلا لانها ما خلفتش عيال!
- مين العمدة دي كانت متجوزة ومين اللي يتجوز الزول ده دول بيخوفوا بيها العيال يا راجل
- يبقى ورثتها عن ابوها
- وهي ام سحلول دي كان لها اب برضك دي فرع شطاني صبح الصبح طلع لوحده
- انت عتجنني اومال العمودية جاتلها ازاي
- تلاقيها سحرت لاهل البلد وقتلت رجالتهم ورعبتهم وخدتها غصبانية
- جايز وجايز احنا غلطانين والتهمة دي تبع الوله براهيم لكن ما يقدرش يشيلها لوحده لازم معاه شركا
- وهنعمل ايه دلوقت
- لازم نكشفهم لكن الاول لازم اعرف السرداب ده بيودي لفين
- غطيني يامه وصوتي بقولك ايه يا عويضه امشي انت وانا وراك طوالي
ومشي عويضه في السرداب وانا وراه لحد ما وصلنا لمخرج ضيق دخل عويضه برجليه الاول  وزحف على بطنه لحد ما وصل باب زقه برجله واداني اشارة ولسه هاطلع وراه سمعت صوته اتخنق وابتدى يصرخ من الالم
- الحقني يا عوضين حاجة مسكت برجلي وبتجرجرني لبره
جريت عليه ورميت بجسمي كله عليه مسكته جامد وشديته لناحي لكنه ما اتزحزحش حاجة اقوى مني كانت بتشده لبره وبقى يصرخ من الالم وسمعت صوت شفشق من اخر المخرج بتزعق وتتحلفلي ولما تاكدت اني لا يمكن اقدر اخرج عويضه حي من اديها سيبته واني قلبي بيرجف من الخوف عليه لكن ما كانش قدامي غير اني اهرب
- اني هارجعلك يا ابن عمي مش هاسيبك
وجريت في السرداب ناحية البير اتشعبطت على الحبل وخرجت وجريت جريت وما التفتش ورايا وقدام عنيا صورة عويضه وهو بيصرخ وعنيه بتقولي الحقني يا ابن عمي...
----------------------------------------


(10)
"هلوسات نائم"
 
- سلام عليكم يا جناب العمدة
- يا اهلا يا اهلا بحضرة المأمور همي يا شفشق اعملي الشاي وجهزي فطار الباشا والرجالة
- لا يا عمدة احنا مش جايين نضايف احنا هنا في مأمورية
- وماله تاكله لقمة الاول والبلد تحت امركم... ها ازيك النهاردة يا باشمهندس احسن ده كان تعبان قوي ليلة امبارح يا ولدي وبيخترف طول الليل
- الحقيقة البشمهندس عوضين قدم بلاغ رسمي في المركز بيتهمكم فيه بالاتجار بالحشيش وخطف ابن عمه عويضه
- هاهاهاها حشيش وخطف يا بيه احنا ناس مالناش في سكة الحرام دي سكة وعرة واخرها شوم وندامة والبلد عندك اها فتش بيها براحتك احنا معندناش حاجة نخافو منيها
- دي كدابة يا بيه تعالا معايا وانا ادلك على المخزن قرب الساقية
ومشينا كلنا ومعانا العمدة واهل البلد لحد الساقية جريت ناحية مكان البير لكن البير اختفى تماما بقيت اجري وادور زي المجنون وانا بفحت بالتراب بيدي لكن من غير فايدة البير اختفى عن وجه الارض
- ها يا بشمهندس لسه مصر على اقوالك
- يا بيه احلفلك بايمانات المسلمين كلاتها انه كان في بير وسرداب ومقبرة تحت وهي هي اكيد قتلت ابن عمي صدقني يا بيه
- احنا اسفين يا جناب العمدة على الازعاج اللي سببناه على الصبح كده اما البشمهندس فهيتعمله محضر ازعاج للسلطات وهو اكيد محتاج يتأكد من قواه العقلية
- لا يا بيه من بعد اذنك مافيش داعي لده كله الباشمهندس ابننا برضك وواكلين مع بعض عيش وملح وهو مننا وعلينا هو تعبان شويه سيبهولنا احنا نراعيه
ومشي الضابط واهل البلد كل واحد رجع لشغله وانا استسلمت لشفشق وشمشونه وهما شايليني وسطيهم للدوار...
- انت فاكره انا هاسكت اياك لا والف لا وهاكشفكم كلكم يا ولاد المجنونة يا قتلة
- اهدا بس وما تشدش على نفسك قوي كده ليطق لك عرق بقى احنا اللي قتلة برضك ده بدل ما تشيلنا خاطر ان احنا دارينا عليك وما كشفناش سرك ولا انت كنت فاكر تخلص منيها وتلبسهالنا
- انت بتتكلمي عن ايه البسكم ايه
مالت العمدة عليا واحمر وجهها من الغضب وتحول صوتها لصوت نشاز وهي بتقول
- نسايم مش الولد ده برضك جالك من جمعتين وقالك انه قتل ابن عمه ودفنه حد الساقية
- ايوه حوصل يا جناب العمدة
- ايه انا يا نسايم انا قولت كده
- سيبك من نسايم انا حذرتك وقتها وقولت لك ساعة القدر يعمى البصر وانت قتلت ابن عمك لما جالك زيارة
- كدب كدب لا يمكن انا اقتل اخويا لا يمكن
- خلاص مش مصدق قوم معايا ننبش قبره علشان نتاكد صوح ولا كدب
- قبره!
- ايون انت قولت لنسايم انك دفنته حد الساقية القديمة ومحدش يعرف المطرح الا انت يبقى تقوم تتأكد انت عملتها ولا لا
وخرجنا انا والعمدة ونسايم وشفشق لحد الساقية ومعانا المعول والفاس وقفت في المكان اللي كنت بشوف نفسي بدفن فيه عويضه في الحلم وشاورت عليه ابتدت نسايم وشفشق يحفروا في الارض وانا قلبي بيدق جامد ورجليا مش شايلاني كنت متأكد اني معملتهاش لكن خايف لاكون مجنون فعلا وكنت بخطرف دعيت ربنا انهم مايلاقوش حاجة وبعد شويه شفشق لقيت حاجة رميت المعول وشالت بايديها بقية التراب وقعت على روكبي لما طالت الجثة وكانت نفس جسم عويضه وعليها هدومه اللي جاني بيها لكن ماقدرتش اميز وجهه اللي كان ابتدى يتحلل ومليان طين - ها يا باشمهندس لسه هتقول علينا قتالين انت قولت ان احنا قتلناه امبارح بس والجثة دي عمرها مش اقل من اسبوعين
لساني عجز عن انه يرد او ينطق بحرف خدت راسي بين رجليا ونوحت كيف الحريم
- شوف يا ابن الناس انت معدتش ليك اكل عيش وسطينا احنا اويناك وعاملناك كيف واحد مننا لكن انت طلعت ناكر للجميل وقاتل تحمل خلقاتك وتخرج من البلد وعمرك ما ترجعلها واصل...
--------------------------------------------


(11)
الحلقة الاخيرة
"ليلة مقتل العمدة"


المدة اللي فاتت دي كلها كنت دايما اسال نفسي ازاي ما دققتش النظر في الجثة اللي لقيناها حد الساقية الجثة كانت متحللة بشكل كبير ومتغطية طين لكن الساقية ناشفة يبقى الطين جاه منين؟ معقولة الجثة ماتبقاش لابن عمي طيب ولو ده صحيح يبقى ابن عمي فين... كانت الاسئلة دي بتدور في دماغي وانا تحت الشجرة على اول الطريق في المركز بستنى في شخص اعرفه عز المعرفة
مشي على مهل بيتعكز على عصايته قرب مني وقالي
- يا بلديات عاوز توصيلة
ابتسمت وقولت
- توصيلة وجواب على سؤال محيرني
- انت وخلقاتك بخمس وتلاتين جنيه
- من غير خلقات المرة دي ومن غير خوف
وركبت معاه وكان كما العادة مركز قدامه في الطريق وساكت كما ابو الهول
- احنا اتفقنا يا عم توصيلة وجواب على سؤالي
- اسال
- ايه حكاية كفر ساقية القتيل وتعرف انت ايه عنه
سكت ومافيش في وجهه اي ملامح تدل انه سمع السؤال ومن غير ما يلتفت قال
- من خمستاشر سنة كان في الكفر عمدة طيب وعاقل كان يراعي اهل بلده ومصالحهم والناس كلها تحبه لكن مرته كانت طماعة وشرانية لمت حواليها زبانية من قطاعين الطرق واللصوص وابتدت تشتري اراضي برخص التمن من الفلاحين وتزرعها حشيش بعيد عن عيون العمدة ولما اكتشف اللي بيحصل رمى عليها يمين الطلاق وطردها من البلد وحرق الحشيش وافتكر اهل البلد انهم خلصوا من شرها لكن بعد تلات شهور رجعت البلد وكانت محروقة ومتشوهة وحالها يصعب على الكافر حلفت للعمدة انها تابت وانها مش عايزة غير المأوى قلبه ما طاوعوش يسيبها للطريق وهو عارف انها مقطوعة من شجرة ورجعها بيتها وقدرت في مدة قصيرة تغير نظرة اهل البلد ليها بطلت شر وعطفت على الارامل وخدت اليتامى في حجرها والناس حبوها وخدوها في وسطيهم وفي يوم صحيت البلد على خبر مقتل العمدة تحت الساقية القديمة قالوا وقع عليه دولاب الساقية ومات ولانهم كانوا بيحبوه ومالوش عيال اتفقوا مرته تمسك العمودية من بعده....
- والناس صدقت انه العمدة مات بالطريقة الغريبة دي لوحده كده قضاء وقدر 
- ماحدش يعرف الحقيقة فين لكن مصيرها تظهر في يوم والشمس ما تتغطاش بغربال
- لكن هي قدرت ازاي تسيطر على اهل البلد طول السنين دي؟
- الحديت اللي عندي خلص خلاص
- طيب وانت عرفت ده كله ازاي وانت مين يا عم؟
- مش مهم تعرف انا مين المهم تلاقي اللي بتدور عليه قبل فوات الآوان... ولما تخلص مهمتك تلاقيني هنا مستنيك
ونزلت في اول البلد وانا بتدارى بالليل لخوف حد يشوفني ومشيت لحد ما وصلت الساقية وانا متأكد المرة دي اني هلاقي البير في مطرحه... وفي المكان المعلوم ابتديت احفر واشيل بالتراب لحد ما وصلت للوح خشب كان يخفي البير تحت منه ونزلت على الحبل زي المرة اللي فاتت ووقفت على اول السرداب وابتديت ادور على اي حاجة تدلني على مصير ابن عمي وفي اول الطريق اللي مشينا فيها المرة اللي فاتت لمحت ممر تاني اضيق من الاول مشيت فيه وابتدى يوسع شويه شويه لحد ما دخلت غرفة شبه بيت الخزين واسعة وفي اخرها زنزانة صغيرة بابها مصنوع من عظم... قربت بحذر وبصيت جواها كان فيها راجل نايم مديني ظهره قلبي كان يقولي ده هو مافيش غيره وندهت عليه.. عويضه.. عويضه.. 
- مين بينده مين هناك... عوضين!
وبعد ما اتأكدت انه عويضه حسيت بأسد كان لابد جوايا وصحي وقررت استعمل التلات دروس كونج فو اياهم نطيت لفوق وفردت رجلي وبكل عزمي هويت على باب الزنزانة وكسرتها وخدت ابن عمي بالحضن
- كنت عارف انك هترجع لاخوك ولا يمكن تسيبه ابدا
- حقك عليا يا خويا اتأخرت عليك
- المهم انك جيت لكن انت ادليت على مطرحي ازاي وايه اللي جرى ليلتها
- الحديت ده يطول واحنا لازم نخرج من البلد الملعونة دي حالا احنا هنخرج من البير ونرجع لاول البلد من بره بره وفي توصيلة في انتظارنا
وابتدينا في مشوار الهروب وجرينا في السرداب لحد ما وصلنا تحت البير وهناك كانت المفاجأة...
العمدة بشحمها ولحمها كانت قدامنا متعلقة بالحبل من رقبتها في وسط البير جثة هامدة عينيها جحظت في صمت مخيف وعلى شفايفها الزرقة ابتسامة تشيب الولدان...

تمت