Saturday, August 20, 2016

"أكلت يوم أكل الثور الأبيض"


كان يا ما كان في قديم الزمان، غابة يعيش فيها ثلاثة ثيران، ثور أسود عرف بين حيوانات الغابة بالقوة والشجاعة، وثور أحمر عرف بين حيوانات الغابة بالحكمة والصبر، وثور أبيض ما كان يعرف إلا بقلبه الأبيض وحرصه على إخوته وبني جنسه من الثيران، وخاصة صاحبيه الأسود والأحمر.
كان الثيران الثلاثة يعيشون معاً بسلام، يتقاسمون ما يجدون ويتكاتفون ضد المخاطر كقوة واحدة...
وكان يعيش في أطراف الغابة أسد كبير بالسن لكنه ماكر مراوغ يعرف من أين تؤكل الكتف... وكانت حيوانات الغابة تتجنبه لدهائه وخوفهم منه. أما الثيران فكانوا يعلمون يقيناً أن مثل هذا لن يقدر عليهم فهم شباب قوي ذوي قرون حادة وأكثر عدداً من الأسد، لذا لم يمانع الثيران تردد الأسد عليهم بين الحين والآخر بل واعتبروه صديقاً ناصحاً.
أما الأسد فكان يمقت هؤلاء الثيران ومحبتهم لبعضهم وحرصهم على أخوتهم وتقاسم الرعي والماء والأرض... وكان يتمنى لو استطاع القضاء عليهم واحداً تلو الآخر فتبقى له الغابة بخيراتها ويحكم أرضها وحيواناتها دون منافس.
وهكذا كان... قرر الأسد أن يحتال على الثيران فيشبع بطنه بلحمهم اللذيذ، وينفرد بلا منازع في حكم الغابة. وفي صباح يوم ماطر اندس الأسد بين الثورين الأسود والأحمر مستغلاً غياب صاحبهم الأبيض، وقال لهم ناصحاً: "يا إخواني إن الثور الأبيض بلونه الناصع يدل علينا الصيادين ويشكل خطراً على الغابة وحيواناتها، دعاني آكله وأنقذكم من هذا الخطر، فلا يكون يومكم قبل يومه"... وألح الأسد في الطلب حتى اقتنع الثوران وسمحا له بالانفراد بالثور الأبيض الغافل عن كل هذا....
وبعد أسابيع قليلة عاد الأسد منفرداً بالثور الأسود ناصحاً ومدبراً لاستكمال خطته حيث قال: "إن الثور الأحمر يزداد وزناً كل يوم، وإني أراك هزيلاً تكاد عظامك تخرج من جلدك من قلة الطعام... الغابة لم تعد تعطي كما في السابق ولن يكفي هذا الطعام في الأيام القادمة... دعني أريحك من الثور الأحمر فيبقى لك الطعام والخير كله وتكون ملكاً على بقية الحيوانات". وظل الأسد يلح في الطلب حتى اقتنع الثور الأسود ممنياً نفسه بالخير الوفير والسلطة والجاه، وسمح للأسد بالقضاء على أخيه الأحمر الغافل عن هذا...
وبعد شهور قليلة عاد الأسد ممتلئ البطن بادي الصحة والعافية، متصنع الابتسام وقال يحدث الثور الأسود: "يا هذا لقد حانت ساعتك. لن تستطيع الهرب فإلى أين، ولن تستطيع طلب العون فممن، ولن تستطيع الخلاص فعلام المحاولة". وانقض على رقبة الثور الأسود واطاح به... فأدرك حينها الثور ما كان يخطط له وكيف كان هو غبياً لا يرى أبعد من أنفه وقال وقد حانت لحظته: "أكلت يوم أكل الثور الأبيض".
تمت